| 132
على مقدراتها وتأمين نموذجها على الأقل مرحليّا، حتى تحتوي التداعيات المباشرة للأزمة الأوكرانية. ثالثًا: فيما يتعلق بالمؤسســية، ســواء التنظيمية أو القانونية والمعيارية، واتســاقًا مع الملاحظــة الســالفة، يُمكن القــول: إن العالم بعد الأزمة الأوكرانية، ســيتجه نحو مزيد من هيمنة المؤسســات الغربية، وهذا ما اتضح جليّا في الأزمة؛ حيث تحركت معظم المؤسسات السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية بل والصحية والرياضية والشــركات الفنية والإعلامية -بدرجة كبيرة من التنســيق في توجهاتها وممارساتها وإجراءاتها- ضد روســيا وسياســاتها وحلفائها. وجرى حشــد الأغلبية العظمى من الهيئات والمؤسســات والشــركات التابعة للمنظومة الغربية في مواجهة السياســات الروســية، وكان في مقدمة هذه المؤسسات منظومة الأمم المتحدة، والناتو والاتحاد الأوروبي ومحكمة العدل الدولية، والمحكمة الجنائية الدولية، والمؤسســات المالية الدولية، بل وتوجيه رسائل نصية وخطابات رسمية لمعظم النظم السياسية في العالم، بتحديد مواقفها من الغزو الروسي لأوكرانيا. رابعًــا: فيما يتعلق بالعمليات الدولية فــي مرحلة الأزمة الأوكرانية وما بعدها، فإنها تقــوم على الجمع بين أقصى أشــكال التعــاون داخل المنظومــة الغربية (وحدات ومؤسسات)، وأقصى أشكال الصراع بين المنظومة الغربية ومن يدور في فلكها من ناحية، وروسيا الاتحادية ومن يدور في فلكها من ناحية ثانية. وستستمر هذه الثنائية الصراع) عدة سنوات حتى تعود بنية النسق الدولي إلى حالة من الاستقرار + (التعاون المؤقت قبل أن تبدأ موجة صراعية جديدة مع بقايا روســيا الاتحادية أو مع الصين التي تنتظر الفرصة للقفز على قمة النظام الدولي. خامسًــا: التأكيد على أن التحولات والتطــورات التي تحدث في بنية النظام الدولي تنعكس بالتبعية، ســلبيّا وإيجابيّا، على كل الأنظمة الإقليمية الفرعية التي يقوم عليها هذا النظام، ومن بينها النظام الإقليمي للشــرق الأوســط. وهذا يرتبط بطبيعة الحال بدرجة السيولة والتداخل الكبيرين بين الدولي والإقليمي، بل والدولي والمحلي في العديد من الأزمات الإقليمية، كما يرتبط بأنماط التفاعلات التي تربط بين الأطراف المحليــة والإقليميــة والدولية، وطبيعة هذه التحالفــات ومتانتها، والأطر والضوابط الحاكمة لها. وهو ما يعني إمكانية تعرّض بعض الأطراف الإقليمية لضغوط وعقوبات
Made with FlippingBook Online newsletter