191 |
مقدمة جاءت الموجة الثانية لثورات الربيع العربي والانتقال الديمقراطي (السودان والجزائر )، في وضع اســتثنائي ومعقد للغاية؛ فتجربة الموجة الأولى التي انطلقت في 2019 ، والتي شهدتها خمس دول عربية لم تُكلّل بالنجاح الكامل، بل إن أربعًا 2011 عام من تلك الدول لم تحقق انتقاً ديمقراطيّا مكتم ً، ثلاث منها تحوّلت إلى دول في حالة حرب أهلية فاقدة لاســتقرارها وأمنها القومي (ســوريا، اليمن، ليبيا)، كما أن الدولة الرابعة (مصر) لم يدم فيها الانتقال الديمقراطي طويً وســرعان ما أجهزت ). أما الدولة 13 ( 2013 يوليو/تموز 3 عليه المؤسسة العسكرية بانقلاب عسكري، في الخامســة فــي الموجة الأولــى (تونس)، والتي بدأت فيها مســارات عملية التحول الديمقراطــي، ســرعان ما أخذت تحفّها مجموعة من المخاطــر منها ما هو داخلي مثــل الأزمة الاقتصادية والسياســية، وآخر خارجي يتمثّل فــي تربص بعض القوى ). فقد 2 بالتحول الديمقراطي فيها، في ظل وجود رئيس يسير على النهج الشعبوي( بدا واضحًا من خلال خطاباته وممارســاته إخلاله بالعملية الديمقراطية، مثل تعطيل البرلمان والانفراد بالسلطة بكل مكوناتها بما في ذلك السلطة القضائية، وهو ما يُعد ). كما أن الموجة الثانية للانتقال الديمقراطي 3 انقلابًا على النظام الدستوري القائم( (السودان والجزائر) تأتي في ظل أوضاع سياسية واقتصادية معقدة، وانكماش عالمي للاقتصاد بسبب جائحة كورونا وغيرها من العوامل الداخلية والخارجية، وإن كانت الجزائر شــهدت أول انتخابات تشــريعية منذ انطلاق حركة الاحتجاجات الشــعبية ، إلا أن نسبة المشاركة العامة المبدئية كانت الأقل 2019 الســلمية، في فبراير/شباط .) 4 عامًا سابقة( 20 منذ ويركز الباحث في هذه الدراسة على الحالة السودانية الأكثر تعقيدًا بسبب الاختلالات الاقتصادية وموقع الســودان الجيوســتراتيجي المرتبط بالأطماع الخارجية، وكذلك صراع النخبة الســودانية فيما بينها. وتهتم مقاربــات الانتقال الديمقراطي، وتحديدًا المقاربــة التحديثيــة، بعدد من العوامل الاجتماعية والاقتصاديــة باعتبارها متطلبات ضروريــة للتحــول الديمقراطي، وبالرغم من أن هنــاك أدوارًا لعوامل أخرى، لكن يظل مســتوى النمو الاقتصــادي والاجتماعي هو العامل الأبــرز الذي تعتمده هذه
Made with FlippingBook Online newsletter