| 198
وتجدر الإشــارة هنا إلى أن الفترات الانتقالية الســابقة التي شهدها السودان تباينت في طرق الوصول إلى الانتقال؛ حيث كانت اثنتان منها انتقاً من أعلى إلى أســفل ) 1964 )، أما الفترة الانتقالية الثانية ( 2005 ، والرابعة 1953 (الفتــرة الانتقالية الأولى ) بكونها مزدوجة 1985 فكانت من أسفل إلى أعلى. وتميزت الفترة الانتقالية الثالثة ( (المجلس العســكري والتجمــع الوطني الديمقراطي)، وكذلك شــاركت في الفترة ) أطــراف مختلفة (اللجنة الأمنية والمجلس العســكري 2019 الانتقالية الخامســة ( وقوى إعلان الحرية والتغيير). وتشــير طبيعة هذه الفترة إلى أن طريقتها أقرب إلى التوازن النســبي في ميزان القوى بين الأطراف الفاعلة في المشــهد، وأقصد بذلك المجلس العســكري (اللجنة الأمنية للنظام الســابق التي عزلت البشير) وبين القوى الثورية (الائتلاف المدني الحاكم)، وهؤلاء يمثّلون السلطة التشاركية القائمة، والمنوط بها إدارة هذه الفترة وتحقيق الانتقال الديمقراطي. . الاختلالات الاقتصادية وانعكاساتها على الفترة الانتقالية 2 يؤكد صامويل هنتنغتون على علاقة الانتقال الديمقراطي بالمتغير المستقل ممثًّ في الاســتقرار الاقتصادي؛ حيث يشــير إلى أن مسألة الانتقال عملية معقدة، لأن التغيير في المتغير المستقل قد يتخذ شكً ثابتًا، ويشرح ذلك بأن ثلاث سنوات من الركود الاقتصادي في ظل نظام شمولي قد لا تؤدي إلى انهياره، ولكن خمس سنوات من الركود قد تؤدي إلى انهياره. فالتأثير التراكمي للمتغير المستقل قد يؤدي بمرور الوقت )، أو يمكن القول: إن الأزمات الاقتصادية 25 إلــى إحداث تغيير في المتغيــر التابع( الملموســة دائمًا ما تهز الأنظمة السياســية مهما بلغ شأنها في التسلط والدكتاتورية، أو كانــت نظامًا ديمقراطيّا متجذرًا، ففي كلتا الحالتين تظل هناك تكلفة باهظة يجب تحملهــا نظيــر الأزمة الاقتصادية. كما يربط هنتنغتون بيــن النمو الاقتصادي وزيادة دخــل الفرد وبين التحول الديمقراطي؛ حيث يعــزو الموجة الثالثة للديمقراطية إلى زيادة معدلات النمو الاقتصادي العالمي في الخمسينات والستينات، كما عزا الموجة الارتدادية لبطء معدلات النمو بعد انخفاض أسعار النفط في السبعينات؛ حيث يقول: إن الفقــر من حيث المبدأ هو العقبة الرئيســية أمام تطــور الديمقراطية، وإن تطور " الديمقراطيــة يعتمد على التطور الاقتصادي، وإن العوائق أمام التنمية الاقتصادية هي .) 26 ( " نفسها العوائق أمام الديمقراطية
Made with FlippingBook Online newsletter