199 |
ويعتقد ليبسيت أن الجميع متفقون منذ أرسطو وإلى يومنا هذا على أن الديمقراطية ترتبط ارتباطًا ملموسًــا بالنمو الاقتصادي، ويفترض أن الفقر المحدود بالإضافة إلى وجود طبقات متوســطة الثراء قد يؤدي إلى نشوء وترسيخ العملية الديمقراطية. كما يعتقد أن الرأسمالية المتوحشة (الطبقات ذات الثراء الفاحش)، في ظل وجود طبقة كبيرة تعاني من الفقر المدقع، قد تؤدي إلى حكم ديكتاتوري (إما إلى الديماغوجيا ). ويعتقد أيضًا أن 27 أو الأوليغاركيا)، فالطغيان يتولد دائمًا من الديمقراطية الجامحة( التعليم والثروة والتصنيع والتحضر عناصر مكملة للمؤشــرات الاقتصادية التي تعتبر العامل المســتقل في الوصول إلى ترســيخ الديمقراطية. ويلاحظ المراقب للاقتصاد الســوداني أن الاســتقرار الاقتصادي ارتبط ارتباطًا وثيقًا بالاســتقرار السياسي. ومن منظور آخر، كلما شــهد الاقتصاد نموّا وتطورًا شــهد النظام السياسي تقدمًا ورسوخًا لتجربته السياسية والعكس هو الصحيح، أي إن العلاقة بين التنمية الاقتصادية ورسوخ العملية السياسية هي علاقة طردية، لذلك ظل الوضع الاقتصادي هو الفيصل في تلك الحلقات الخبيثة التي عانت منها الدولة السودانية الحديثة. . الت ارجع المستمر للمؤش ارت الكلية للاقتصاد السوداني 1.2 شهد السودان في العقد الأول من الألفية الثالثة نموًا اقتصاديّا مطردًا؛ حيث عرفت تلك الفترة أعلى معدلات النمو الاقتصادي الذي تحقق منذ الاستقلال وإلى يومنا هذا. في ، تصدر السودان دول منطقة الشرق الأوسط 2006 و 2001 الفترة الممتدة بين عامي )، مع 28 (% 8 . 5 وشــمال إفريقيا من حيث معدلات النمو الاقتصادي بنسبة تجاوزت انخفاض معدلات التضخم وارتفاع قيمة الجنيه السوداني أمام الدولار؛ إذ كان الدولار جنيه. ويعود ذلك إلى عائدات النفط (الاقتصاد الريعي) في 2 . 1 الواحد وقتها يعادل بعد انفصال جنوب " )، ولكن ذلك المورد لم يدم طوي ً، 2011 - 2000 تلك الفترة ( ، عقب استفتاء عام صوّتت فيه الأغلبية الساحقة 2011 السودان في يناير/كانون الثاني % من النفط الذي كان 75 من جنوب السودان لخيار الانفصال؛ حيث ذهب قرابة الـ ) 29 ( " % من إجمالي صادراتها 95 يمثّل أكثر من نصف إيرادات حكومة الســودان، و إلى الدولة الوليدة. وبناء على هذا التراجع في المؤشــرات الكلية اتخذت الحكومة الســابقة مجموعة من السياسات بهدف معالجة الانهيار الاقتصادي، ولكنها لم تفلح في ذلك، مما أدى إلى ارتفاع موجة الاحتجاجات الغاضبة على تلك السياسات بداية
Made with FlippingBook Online newsletter