العدد 14 – مايو / آيار .2022

259 |

المســلمين وليس على أهل البلد محلّ الاحتلال فقط، وذلك ما دام أهله عاجزين عن دفعه. كما يُبرِز الكتاب جانبًا من حياة عزام الشخصية بما تسمح به هذه المصادر من زهده الأداة المركزية " مكتب الخدمات " )، والتي كان 5 ( " الجهادية " وتفانيه في خدمة قضيته ، والتي " المجاهدين " التي انصبّ جهده فيها بالكامل أو دارت حوله كل سيرته لخدمة . " الجهادي " انطلق منها ليدعو إلى الجهاد الأفغاني وليتشكّل معها نموذجه ويعكــس الكتاب أيضًا الحياة التي ســادت الوســط الجهادي العربــي، وما يتصل وعلاقتهم مع الأفغان، وإن لم تكن هدفًا للكتاب بذاتها فقد " جهادهم " بوجودهــم و كانــت تبــرز دور عزام إلى جانب دوره قائدًا؛ إذ كان مُوَجّهًا لكيفية إدارة الحياة مع )، لأنهم يختلفون عن العرب في طريقة المعاش 6 الأفغان والاختلاف معهم بالحسنى( ). وكان أغلب العرب في تلك البيئة المقاتلة يميلون للسلفية الوهابية حتى 7 والتدين( الإخوان منهم (وهما الفاعلان الدينيان الأساس في الجهاد الأفغاني)، في حين يلتزم الأفغان المذهب الحنفي والمسلك الديوبندي ولا تخلو حياتهم الدينية من الأضرحة والأولياء والتمائم وما يشبه ذلك مما هو مرفوض من السلفيين وعلمائهم بالمطلق. اســتطاع الكتاب أن يجمع إلى حدّ كبير بين التحقيب الزمني، أي المســار الشخصي لعــزام، وأهم الصفات التي تحلى بهــا والأحوال التي عرفها عزام، باعتبارها الحالة التي طغت عليه في كل مرحلة من مراحل حياته. ووضع الكاتب كّ منها في فصل ، متمســك بقضيته؛ حيث وُلد " فلســطيني " لوحده، فبدأها في الفصل الأول بعنوان: ) في قرية سيلة الحارثية بالضفة الغربية وترعرع هناك، لينتهي في الفصل 1941 عزام ( ، كما انتهت به الحال بعد مقتله في بيشــاور " رمز " الســادس عشــر والأخير، بعنوان من " أخًا " )، في ظروف غامضة ليصبح أسطورة. بهذا الاعتبار كان عزام 1989 (عام انضم إلى الفدائيين "ً مقات " )، و 1953 الإخوان المسلمين في جنين (انضم إليهم عام " ابن ســبيل " )، و 1973 تخرج في الأزهر ( " عالمًا " )، و 1969 في شــمال الأردن (عام " مجنّدًا " و " مديرًا " و " دبلوماسيّا " و " رائدًا " إســ ميّا، و " كاتبًا " هاجر من أرضه قســرًا، و كما تبدّت جميع هذه الصفات فــي الميدان الأفغاني (معظم " مجاهــدًا " و " منظّــرًا " و الثمانينات)، وهكذا دواليك في عدة فصول، ولم يشــذ الكتاب عن هذه الوتيرة، إلا بإضافة مقدمة وافتتاحية في أوله، وخلاصة في نهايته. هذه الطريقة بقدر ما حافظت على السرد في الكتاب وسمحت بتوالي ذكر المحطات

Made with FlippingBook Online newsletter