العدد 14 – مايو / آيار .2022

| 260

التي شــهدها عزام في حياته، فإنها أتاحت للكاتب مســاحة جيدة للقراءة والتحليل والتفســير ليخرج بخلاصات، تؤكد أن هوية عزام الفكرية والأيديولوجية، واختياراته وخياراته، لم تكن بعيدة عن مســار حياته. من ذلك مث ً، يمكن ملاحظة الربط بين المراحل التي عاشها عزام فلسطينيّا وإخوانيّا، والمآل الذي انتهى إليه جهاديّا؛ حيث ســيلة " بحــث الكتــاب عميقًا في تاريخ عزام عن خيط إخواني مبكر بدءًا من قريته )، وعن آخر يقود إلى حمله للسلاح في فلسطين، لينتهي إلى أن الحرب 8 ( " الحارثية التي كان يخوضها من أجل كابل كانت وســيلة لهدف طويل الأمد، ألا وهو تحرير القــدس. وتتبّــع خيطًا آخر أيضًا في حياة عزام عــن النزعة العابرة للحدود فوجدها حاضرة لدى اليســار الفلســطيني حينئذ، والتي لابد أن عزام تأثر بها، لاســيما أن فلســطين بقيت في قلبه ولم يحل دون الجهاد فيها إلا ظروف وأســباب براغماتية، المقاومة (الفلســطينية) اختُطفت من (قبل) اليســاريين وأيديولوجيتهم " من أهمها أن ، ولأن الدول العربية خاصة الحدودية منها، تمنع الفلسطينيين من الوصول " المستوردة .) 9 إلى فلسطين( وبخلاصــة مكثفة: الجهاد في أفغانســتان -في نظر عــزام- أفضل من عدم الجهاد، والحرب من أجل كابل وسيلة لهدف طويل الأمد وهو تحرير القدس، والجهاد في )، ولم تكن أفغانستان تحوً في 10 أفغانســتان ما هو إلا طريق للجهاد في فلسطين( حياتــه بقدر ما كانت تتويجًا لها، ونشــأة الجهــاد العالمي لا يمكن فصلها عن هذا المسار. هذه الخلاصة في وصف عزام تقلب الهرم، فكأن جهاد عزام كان لأجل فلســطين، رغم أنه كان في الواقع في أفغانستان، ولم يكن لهيغهامر أن يتجاهل هذه السردية، لأنه يبحث عن دافع عزام ليجاهد في أفغانســتان في حين أن بلده فلســطين تحت . ولأن النشــأة تؤثر على صاحبها، فلابد لهذه الشخصية الفلسطينية، التي " الاحتلال " ، أن " متشددة " عرفت الاحتلال والهجرة والانتظام في الإخوان وعايشــت شخصيات تنعكس هذه الظروف عليها بشــيء ما. وهذا الدافع في الحقيقة منشــؤه بعض كُتّاب ســيرة عزام وبعض الباحثين المعنيين بها، ويلبّي رغبة كثير من محبي أو مؤيدي أو متفهمي الجهاد الأفغاني وعزام، خاصة الإخوان المسلمين منهم ومن يشبههم، وتعني عزام في أفغانستان مستمدة في بعضها من فضيلة القضية " فضيلة جهاد " في بعضها، أن الفلسطينية ومحوريتها للمسلمين.

Made with FlippingBook Online newsletter