العدد 14 – مايو / آيار .2022

| 270

واســتطاع إدارة هذا المجتمــع المهاجر -المختلف والمنقســم والمتصارع أحيانًا- مســتخلصًا مــن النصوص الدينية ركائــزه ولتصبح جزءًا من المانيفســت الجهادي نفسه. عزام قدّم خطابًا جهاديّا معاصرًا يعتمد على النصوص مباشرة وعلى تعليلات العلمــاء المعاصرين لمواجهة أي غزو يســتهدف أوطان المســلمين، أو يســتهدف دينهم، وتحديدًا حيث يضطهد المسلمون لأسباب دينية: كما يبدو جليّا في مواجهة أو الأنظمة الحاكمة المتعاونة معهم، أو حيث تحكم أكثريات أو أقليات " الشيوعيين " . واستطاع بهذا أن يصبح الوجه شبه الرسمي العربي " ضد المسلمين لأنهم مسلمون " في أفغانســتان، حتى للأفغان أنفسهم، وكذلك الأمر " الحشــدية " والعالمي للجهادية لبقيــة الفاعلين، وإن كان كل له أســبابه أو مصالحــه. وبدور عزام هذا حظيت هذه المجمع عليها، بشــرعية الوجود من رأس النظام الدولي، واشنطن، ومن " الجهادية " أهم الدول العربية والإســ مية، مثل السعودية وباكستان، وأخذت شرعيتها من أهم حركة إســ مية حينها، حركة الإخوان المســلمين، ومن أهم تيار فقهي علمي، التيار السلفي الوهابي. هذه الصورة لجهادية عزام موجودة في الكتاب وأدلتها حاضرة فيه، إلا أنها لم تكتمل في استنتاجاته أو مخرجاته. وهي حتمًا لا تشبه تلك التي أنتجتها القاعدة ولا تنظيم الدولة ولا الحالة الجهادية كما استقرت وما انتهت إليه، وتسير بالتوازي معها. وهذا لا يمنع أن عزام أضاف ملفًا قلقًا آخر إلى المجال التداولي الإخواني، لأنه بقي وما لديها من سمات، وقد نجد " الجهادية الحشدية " يُحسب عليه فكريّا، وهو ملف بعضًا من صورتها لدى جمهور إسلامي في فلسطين وأفغانستان والدول التي تعاني التي " أنظمة الأقليات " الاحتلال، أو لدى جمهور يعتقد أنه مضطهد لسبب ديني من " أنظمة الكفر " يعتقد أنها تســتهدف السّــنّة. لكنه ليس حاسمًا في جهادية عالمية ضد (بمصطلح الإسلاميين) الناتجة عن سايكس-بيكو ولا حسم التغيير الداخلي بالجهاد. وخلاصة الأمر في هذا الشأن، فإن الإرث الجهادي لعزام، جاء في سياق نقاش دائم مع أطراف جهادية ناشــئة ومختلفة، وكان يبحث عن تسوية للحفاظ على مكتسبات وتحديدًا في أفغانستان، " نصرة المسلمين والدفاع عنهم " الجهاد الأفغاني وما يعنيه من أولويته تعبوية للتجنيد، واستيعابية لمواجهة أسئلة الجهاديين المتشددين المناوئين له أو أسئلة الإسلاميين المناوئين للحالة الجهادية بشكل عام. وهذا ما جعل الجهاد بعد عزام فصً آخر سواء بخصوص تعريف الجهاد أو من هو المستهدف، أو على صعيد

Made with FlippingBook Online newsletter