37 |
هذا الوسيط (العلبة السوداء) وما يُقدّمه من توصيات وتعليمات للمستخدمين ومدى تطبيقهم لها. لذا، لا وجود للمناهج الرقمية بدون العُدّة الرقمية شأنها في ذلك شأن المناهج الحاســوبية، لكن، خلافًا لهــذه الأخيرة لا تكتفي المناهج الرقمية بها، ولا تستغل البيانات ذات المنشأ الرقمي التي تستقيها من أجل وصف استخدامات الميديا الاجتماعية فحسب، بل تسعى أيضًا إلى تمكين العلوم الاجتماعية من رؤية الظواهر )، لذا فإنها تُكمّل غيرهــا من المناهج التي ذكرناها 126 المدروســة بطريقــة جديدة( )، أي إنها تســد نقائص المناهج الحاســوبية من خلال الأخذ بعين الاعتبار 127 آنفًا( سياق الممارسة الإعلامية، وتُكمّل المناهج الافتراضية ليس من خلال إعادة الاعتبار للعُدّة التقنية فقط، بل بالتعامل معها كأداة وموضوع بحث في آن واحد. ويمكن تلخيص خصائص هذه المناهج فيما يلي: - خلافًــا للمناهج الحاســوبية التي تطبق في مختلــف التخصصات العلمية، يقتصر تطبيق المناهج الرقمية -إضافة إلى الافتراضية- على العلوم الاجتماعية والإنســانية. وقد اســتفاد منها الباحثون في فهم موضوعات الإعلام والاتصال المعقدة في البيئة الرقمية، ولا يلجؤون في الغالب إلى اختراع أدوات رقمية مخصوصة لكل موضوع بحث وأهدافه، بل يُسخّرون ما هو متوافر منها في شبكة الإنترنت وفي العالم الرقمي .) 128 لاستقاء البيانات والميتا بيانات وتحليلها وتصنيفها، والكشف عن ترابطاتها( - تدرس هذه المناهج الخوارزميات والطرائق التي توفرها المنصات الرقمية لجمع البيانــات والإجراءات التي تتيح للأدوات التقنية إنتاج آثار المســتخدمين عبر الخط ) التي لا تظهر في الشاشة، ولا Meta Data ونوعيتها، مثل الكشف عن الميتا بيانات ( في الصور الرقمية وشرائط " مدفونة " تُفصِح عن ذاتها للمســتخدمين العاديين لكونها الفيديو. وتتضمن معلومات عن تاريخ ووقت أخذ الصور أو شريط الفيديو، ومكان التقاطها، وبأي آلة تصوير أو تسجيل، ومن أرسلها، ومن قام بتعديلها، وأين نُشِرت ) Medium Theory أو بُثّت. لذا، يمكن أن نعتبر هذه المناهج تطبيقًا لنظرية الوسيط ( ) المســتلهمة من مقولة ماكلوهان: Joshua Meyrowitz لصاحبها جوشــوا ميروفتز ( ) التي استخدمها ميشال فوكو Device ، وتجسد أيضًا المنظومة ( " الوسيلة هي الرسالة " ) من أجل إعطاء بُعد اجتماعي للعتاد التقني؛ إذ رآها أداة للرقابة Michel Foucault ( ). وإن كان المعنى المعاصــر لمفهوم المنظومة التقنية 129 الاجتماعيــة والاغتراب( لا يخفــي ما رآه فوكو، فإنه يكشــف عن أبعاد أخــرى اتصالية وإعلامية واجتماعية
Made with FlippingBook Online newsletter