جــزءًا من حياتهم، وأمنهم القومي، بالمفهــوم الحديث، حيث تدعم رؤية هيرودوت هذه، تكتيكات الخطاب الأيديولوجي (الأمننة) القوية؛ التي مكّنت جزئيًا من السيطرة على موارد مياه النيل والتحكم فيها. وبحســب المؤرخ الســوري، هيلــودوروس (القرن الثالث قبــل الميلاد)، فقد ،) The Father of Egypt أصبــغ قدمــاء المصريين على النيل صفات منها: أبو مصر ( ،) the Giver of Life ، وواهب الحياة ( Saviour of all ( Egypt ومنقــذ المصرييــن، ( ، وهــذه المفاهيم لا تقتصر على معانيها، ((( ) The Creator of Egypt وخالــق مصر ( ولكن تؤسّــس وتعزز الخطاب المائي المصري المهيمن، كما تفســر الاستراتيجيات والتكتيكات المتبعة لتحقيق ذلك. وفي هذا الإطار، يمكن تقسيم هذه المرحلة إلى مرحلتين فرعيتين: أ. مرحلة تحقيق الهيمنة والسيطرة على الموارد ما قبل الستعمار ســعى محمد علي لبناء مصر الحديثة أوائل القرن التاســع عشر، والتي شملت مجالات عدة منها الزراعة والري، حيث عمل على توســيع نطاق البنية التحتية للري لتحســين الزراعة ولمواجهة أخطار الفيضان، فقام بإنشاء العديد من المشاريع الكبرى فــي حينها، منها القناطر الخيريــة بالقرب من القاهرة لحمايتها من الفيضان، ثم عمل على تأمين موارد المياه القادمة من الســودان، والتي كانت مطمعًا للدول الاستعمارية وفي مقدمتها بريطانيا، عبر اعتماد استراتيجية السيطرة على الموارد من خلال تكتيك الإذعان القســري، فقام بالتمدد صوب السودان تحديدًا، لمواجهة التهديدات الإثيوبية . ((( بإمكانية منع مياه النيل من الوصول لمصر ثم سار حفيده، الخديوي إسماعيل، على ذات النهج، حيث استغل حركة إلغاء الرق، والمزاعم الأوروبية الاســتعمارية للتدخل العســكري لوقف تجارة الرقيق في إفريقيا،، لزيادة مســاحة الســيادة المصرية في كلّ من البحر الأحمر، وحوض النيل، (1) Ostigard, T., “The Egyptian Civilization and the Sun Cult in the Water Perspectives. In W., Ostreng , Transference: Interdisciplinary Communications 2008/2009.(University of Norway: Oslo, 2010)., p.p.2-3 تاريخ وحدة وادي النيل السياسية في القرن التاسع عشر (دار : شكري، محمد فؤاد، مصر والسودان ((( .12 - 11 )،ص 2011 الكتب والوثائق القومية، القاهرة،
107
Made with FlippingBook Online newsletter