مصر وإثيوبيا وصراع الهيمنة على حوض النيل

السد، أو مع شروع إثيوبيا في بناء السدود الأخرى. إن إثيوبيا عملت منذ بدء الألفية الثالثة تحديدًا على تحسين ركائز قوتها في - 4 مواجهة مصر، خاصة ما يتعلق بالركائز الاقتصادية فحققت معدً مرتفعًا للنمو، فض ، الذي يعد من أحد 2015 عــن الركيزة القانونيــة الممثلة في اتفاق إعلان المبــادئ، أبرز مكاســبه الحصول على اعتراف رســمي مصري بمشروعية بنائها للسد، وبالتالي إزالة أية عقبات أمام إمكانية التمويل الدولي له سواء من خلال الدول أو المؤسسات الدولية (البنك الدولي)، وعلاوة على ركيزة قوة الخطاب الذي روّجت له إثيوبيا على مختلــف الصّعد الداخليــة والخارجية، والقائم على فكرة أحقيتها في مياه النيل الذي هو بمنزلة بحيرة إثيوبية من وجهة نظرها؛ وبالتالي ضرورة الانتفاع به بغضّ النظر عن رضى الأخرين من عدمه. هذا التحسن في تلك الركائز؛ فضً عن الركيزة الجغرافية الأساسية المتمثلة في كونها دولة منبع تتحكم في المياه؛ زاد من قدرتها ليس فقط على تحدي الهيمنة، أو إيجاد حالة من الهيمنة المضادة، ولكن في السعي لوضع أسس لنظام هيمنة جديد، يجعلها صاحبة اليد الطولى في التحكم في الهيمنة على نهر النيل. إن الخيارات المصرية خلال الفترة الراهنة تنحصر بصورة أساسية في الإطار - 5 التفاوضي، بسبب رفض إثيوبيا الإطار القانوني الممثّل في التحكيم الدولي، فضً عن الصعوبات التي تكتنف اللجوء للخيار العســكري؛ وربما هذا ما يفســر أسباب دخول مصــر فــي جولات عدة من المفاوضات دون طائــل، مقابل إصرار إثيوبي على عدم وصول المفاوضات إلى نتائج ملموسة تلبّي الحد الأدنى من المطالب المشروعة لمصر والسودان. إن التحســن الأخير في العلاقات المصرية-الســودانية قد يســهم في تعزيز - 6 الموقف التفاوضي للقاهرة في مفاوضات الســد، لكن يظل هذا مرتبطًا باستمرار توتر العلاقات بين الخرطوم وأديس أبابا بشــأن ملف الحدود؛ بمعنى أن تحســن العلاقات الإثيوبية-السودانية مجددًا، سيكون بمنزلة نقطة ضعف للطرف المصري. إن مصــر يمكن أن تلوّح بورقة ســحب الاعتــراف بإعلان مبادئ الخرطوم، - 7 ، في حال اســتمرار التعنت الإثيوبي، لاســيما أن البرلمان المصري لم يصادق 2015 عليه حتى الآن، وفي ظل حالة التناغم بين مؤسســة الرئاسة والبرلمان، يمكن للأخير رفض التصديق عليه إذا كان هذا هو خيار الرئاســة، كما يمكن لمصر إقناع الســودان بذات الفكرة أيضًا. إن عملية ســحب الاعتراف؛ رغم أنها لن تؤثر فعليّا على عملية

215

Made with FlippingBook Online newsletter