العدد الثاني من مجلة لباب

| 10

ـا- إلـى فردانيـة قرابيـة ً الـذي طـال الاتجاهـات الثقافيـة الجماعيـة، قـد أفضـى -كمـا كان متوقع عموديـة أضحـت الي ـوم النمـوذج المهيمـن للسـيكولوجيا الثقافي ـة. والحـال أن هـذا النمـوذج لا يخل ـو ب ـدوره م ـن التوت ـر الن ـاتج ع ـن الصـراع ب ـ التطل ـع إل ـى الحداث ـة الفردي ـة وسـطوة الأخــ ق التــي يفرضهــا عقــد القرابــة، وهــو مــا ينتــج عنــه ضــرب مــن الهجانــة الثقافيــة ـا علـى الإحاطـة النظريـة والأمبريقي ـة. ً يسـتعصي أحيان ـر عـادة إل ـى الارتباطـات العائلي ـة كعمـاد أساسـي للعي ـش المشـترك والعمـران البشـري. َ ظ ْ ن ُ ي وتقـوم وجهـة النظـر هـذه علـى مصـادرة مفادهـا أن هـذه الارتباطـات تزيـد مـن قـوة الرابـط الاجتماعـي وتسـاهم فـي تكثيـف التبـادلات بـ المجموعـات الاجتماعيـة. ويعتبـر الإنسـان العـادي فـي هـذا المضمـار أن اسـتقلالية الأفـراد عـن المحيـط الأسـري علامـة علـى الفوضـى الاجتماعي ـة والانحطـاط الأخلاق ـي للأف ـراد. غي ـر أن صلاحي ـة تل ـك المصـادرة تظـل موضـع تسـاؤل حينمـا نأخـذ فـي الحسـبان مبـادئ التنشـئة الأسـرية فـي سـياقات ثقافيـة مختلفـة. فقوة روابـط القربـى لا تسـتلزم بالضـرورة توخـي الإيثـار والغيريـة، خاصـة فـي المجتمعـات العاجـزة عــن إجــراء فصــل جوهــري بــ الفضــاء المؤسســاتي الــذي تحكمــه العقلانيــة القانونيــة، والفضـاءات العائليـة التـي تخضـع للغرائـز الفطريـة. ا ً غيـر أن الارتبـاط العائلـي لا يطـرح تحديـات كبيـرة أمـام السياسـات العامـة إلا إذا كان مصحوب بالتبريـرات الأخلاقيـة المسـاهمة فـي تكريـس التمايـز وتجذيـر الرأسمـال الاجتماعـي، وبصيغـة ـا، حـ تتسـرب تأثيراتـه عـن قصد مـن فضـاءات التقـارب الطبيعي إلـى مجالات ً أكثـر وضوح الاقتصـاد والسـلطة والاجتمـاع. ولا شـك أن التحي ـز والمحاب ـاة لفائ ـدة مجموعـات الانتمـاء، كمظاهـر مألوفـة للعائليـة، تغـزو بشـكل مكشـوف دواليـب الأجهـزة البيروقراطيـة والسياسـية مـن المحيـط إلـى الخليـج. ويؤشـر ذلـك فـي الواقـع علـى عـدم قـدرة الدولـة العربية بتشـكيلاتها الإثني ـة والطائفي ـة وثقافتهـا السياسـية المتعـددة، علـى التخل ـص مـن دور الجينيالوجي ـا الجيني ـة فـي تشـكيل الهيـاكل البيروقراطيـة منـذ النصـف الثانـي مـن القـرن العشـرين. ولا غـرو أن وراء ي اسـتراتيجيات إرادات الهيمنـة التـي تراقـب الأشـخاص والمـوارد ِّ ذلـك عوامـل بنيويـة تغـذ

Made with FlippingBook Online newsletter