العدد الثاني من مجلة لباب

| 14

لا يعنــي هــذا بالطبــع أن علاقــات الــولاء والخضــوع ترتــد فــي مجملهــا إلــى الســجلات الدمويـة. فـإذا كانـت العائلـة ترعـى وتتوسـط وتشـفع عنـد الاقتضـاء، مقابـل الانضبـاط شـبه الانعكاســي لأخــ ق لا يمكــن التصريــح بهــا ولكــن يمكــن الإحســاس بفعاليتهــا الحثيثــة، ـا فحسـب، ولكنـه كائـن ينخـرط بالرغـم ّ ً فـإن الشـخص فـي الثقافـة الاجتماعيـة ليـس عائلي ا بالدوائـر ً تبتـدئ بالأسـرة وتنتهـي بالسـ لة الحاكمـة، مـرور )7( مـن أنفـه فـي دوائـر مترابطـة الوسـيطة كالقبليـة والعرقيـة والمناطقيـة والمذهبيـة. ويجـب التنبيـه إلـى أن القـول بسـيادة العائلية ـا لتأويـل رومانسـي، تصـور مثالـي للعلاقـات ً غيـر الأخلاقيـة، لا يجـب أن يسـتفاد منـه، وفق بـ الأقـارب، يخل ـو مـن الصراعـات المفتوحـة والخفي ـة. يوجـد وراء المحابـاة العائليـة نمـوذج للتنشـئة الاجتماعيـة يهيمـن عليـه نـزوع ثقافـي طمـوح إلـى تأكيـد الصـدارة الاجتماعيـة للأقـارب علـى حسـاب الغيـر. ويسـتمد هـذا النـزوع ديناميتـه مـن خـزان أخلاقـي كشـف البحـث الإثنوغرافـي النقـاب عـن بعـض مظاهـره التاريخيـة. والملاحـظ أن ه ـذا الخ ـزان لا يــزال يشــتغل بــ ظهرانينــا، فــي غفلــة مدهشــة عــن خطابــات العقلنــة ـا مـن المنطـق الغريـزي. إن رب الأسـرة المغربـي، كمـا يقـول ً السياسـية التـي تبـدو أقـل انفلات ، يفعـل كل مـا فـي وسـعه مـن أجـل نقـل أسـرار حرفتـه إلـى )George Hardy( جـورج هـاردي ابن ـه الياف ـع، وإذا ح ـدث أن فش ـل ف ـي مس ـعاه بس ـبب تقاع ـس ه ـذا الأخي ـر، يحم ـل الأب ـا، لتمكـن ّ ً أسـراره معـه إلـى لحـده. ويضيـف هـاردي فـي عبـارة بليغـة: «لـو كان باسـتور مغربي . )8( مـن جنـي أربـاح طائلـة، ولكـن بعـد مماتـه، سـيهلك المجتمـع بـداء الكلـب» لا تقتصـر هـذه الخطاطـة الأخلاقيـة علـى الاجتمـاع المغربـي بتشـكيلاته الاجتماعيـة والإثنيـة ل، وإن بدرجــات متفاوتــة، سمــة ثقافيــة للروابــط الاجتماعيــة فــي ِّ المختلفــة، ولكنــه يشــك ي هــوس المســاواة ِّ . إن العصــاب الجماعــي الــذي يغــذ )9( شــمال إفريقيــا والشــرق الأوســط . )10( ـر عـن انتقـال ثقافـي إلـى قيـم الفردانيـة الأفقيـة ِّ السـطحي فـي المجتمعـات العربيـة لا يعب ـر ف ـي العمـق عـن وسـواس جمع ـي مجب ـول عل ـى ِّ ـا، إن ـه يعب ً عل ـى العكـس م ـن ذل ـك تمام ابتغــاء التفاضــل الاجتماعــي. ويمكــن للملاحــظ أن يجــازف بالقــول بــأن الرغبــة الجامحــة

Made with FlippingBook Online newsletter