| 156
فـي اللغـة، والحـق فـي الثقافـة. بمـوازاة هـذه الحاجيـات الجماعيـة والنخبويـة ظهـرت حاجيـات فرديـة تحيـل علـى قيـم الحيـاة التـي تجسـدها مسـيرات العطـش وغـ ء المعيشـة ونسـبة الوفيـات (الرضـع، النسـاء الحوامـل)، وعـودة بعـض الأوبئـة (السـل والليشـمانيا والأمـراض التناسـلية والسـرطان…)، ووقـع التقلبـات المناخي ـة وعـدم التكافـؤ فـي توزي ـع الث ـروات؛ ممـا أدى إلـى خل ـق فضـاء راديكالـي ومجـال لثقافـة مضـادة ورأسمـال رمـزي مكتسـب رافـض للحلـول الوسـطى فتحـول الفضـاء الرقمـي ـ ت الآخر ُّ ا عـن تجاهـل تمث ً إلـى قنـاة للتحـدي والمقاومـة ومجـال لفـرض الـذات، وصـار تعبيـر للمصالحـة م ـع ال ـذات ً الدوني ـة (رب ـط الألت ـراس بالشـغب والمخـدرات والانحـراف) ومجـا ـل آليـة واسـتراتيجية ِّ مـا نتـج عنـه تكامـل احتجـاج الملاعـب بالاحتجـاج الرقمـي وصـار يمث نضاليـة للضغـط والتحـاور والدفـاع عـن المكتسـبات وتحقيـق المطالـب. ل احتجـاج الشاشـات (السـيلفيات ومقاطـع الفيدي ـو والأغان ـي ِّ شـك ُ ف ـي هـذه الحال ـة، هـل ي والأناش ـيد) أداة مس ـاعدة ومواكب ـة لاحتج ـاج الملاع ـب أم إن ـه أم ـام ع ـدم فاعلي ـة احتج ـاج الملاعــب ســتعمد الألتــراس إلــى نهــج الاحتجــاج الرقمــي لتفــادي المواجهــة المباشــرة مــع الفاع ـل المؤسس ـاتي إل ـى معت ـرك العال ـم الافتراضـي ال ـذي ل ـم يخب ـر بع ـد ِّ الس ـلطات وج ـر متاهاتــه وتحدياتــه؟ لفه ـم هـذا الن ـوع م ـن الممارسـة السياسـية الرقمي ـة، نحي ـل عل ـى عناصـر الم ـرور م ـن التعبئ ـة ــل فــي تملــك الخطــاب الاحتجاجــي َّ الرقميــة إلــى الأثــر الواقعــي، وهــذه العناصــر تتمث والترصيـد والتمكـ مـن خـ ل الرمزيـة الاحتجاجيـة والعمـق التفاوضـي لشـعارات الألتـراس وقدرتهـا علـى إعـادة بنـاء الـرأي العـام. ويتـم هـذا البنـاء الدلالـي عبـر الإجمـاع علـى جـدوى الفعـل الاحتجاجـي لاسـيما مـع ردود الفعـل التـي تلـت منـع الألتـراس مـن المياديـن، وغيـاب قطـب مناهـض لمجتمـع الألتـراس والتحـول مـن الاعتبـارات الماديـة (المطالبـة برفـع التيفـوات ـ ت قيميـة رمزيـة حقوقية ُّ “لوحـات فنيـة”، ومتابعـة المقابـ ت والتنقـل مـع الفريـق...) إلـى تمث ومجتمعيـة مـن قبيـل العدالـة والتضامـن والعيـش الكـريم.
Made with FlippingBook Online newsletter