175 |
النهضة العربية وأسئلة التأسيس بين المرجعية السلفية والليبرالية
ا من الأصول مباشرة. ً ، انطلاق ً وشريعة ً - بناء فهم جديد للدين، عقيدة ا لنهضتنا وانطلاقتنا. ً ا لنا وأساس ً - تحيين الفهم الديني عبر جعله معاصر
لقـد كانـت قـوة الارتـكاز فـي المشـروع الإصلاحـي النهضـوي، منـذ مرحلـة التأسـيس، فـي ـه السـقوط فـي أحابيـل الصـراع الأيديولوجـي. وبقـدر مـا كان هـذا َّ نزوعـه المعرفـي الـذي جنب نته مـن تحقيق الاسـتمرارية َّ ـر لـه حصانـة ذاتيـة مك َّ النـزوع ينحـو بـه فـي اتجـاه النخبويـة، فإنـه وف كمشـروع فكـري وسياسـي واجتماعـي ينبـض بالحيـاة. وهـذا يفتـح أمامنـا إمكانيـة اسـتعادة روح هـذا المشـروع، مـن أجـل قيـادة مرحلـة نهضويـة جديـدة فـي العالـم العربـي. . من الانحطاط إلى النهضة: تحديات واستجابة فكرية 1 دخـل العالـم العربـي الإسـ مي فـي مسـار الانحطـاط ابتـداء مـن القـرن الرابـع عشـر الميـ دي، ع ـن ذل ـك م) 1406-1332( ـر العلام ـة اب ـن خل ـدون َّ وس ـاد الرك ـود الم ـادي والرم ـزي. وق ـد عب بقول ـه: «فكأنم ـا ن ـادى لسـان الكـون ف ـي العال ـم بالخم ـول والأنق ـاض فب ـادر بالإجاب ـة، والله وارث الأرض ومــن عليهــا، وإذا تبدلــت الأحــوال جملــة فكأنمــا تبــدل الخلــق مــن أصلــه، ). وقــد 2(» وتحــول العالــم بأســره، وكأنــه خلــق جديــد ونشــأة مســتأنفة، وعالــم محــدث أطلـق المؤرخـون تسـمية «عصـر الانحطـاط» علـى هـذه المرحلـة، وقـد تجـاوز البنيـات الفكريـة السياسـية منهـا والاقتصادي ـة والاجتماعي ـة، وتب ـدو هـذه الصـورة موحـدة ب ـ الشـرق َّ ـم ُ ع َ ي ِ ل الإسـ مي وغرب ـه، حي ـث سـاد الفكـر الخراف ـي وتم التراجـع عـن المكتسـبات الت ـي راكمه ـا الفكـر العرب ـي فـي عصـوره الأول ـى. ـا ً لكـن مرحل ـة الق ـرن التاسـع عشـر كان ـت مرحل ـة يقظـة شـاملة، اسـتطاعت أن تبل ـور جواب ــا عــن التحــدي الــذي فرضــه الاســتعمار الغربــي، وذلــك عبــر العــودة إلــى الــذات ّ ً حقيقي لمحاول ـة إصـ ح أعطابه ـا السياس ـية والاجتماعي ـة والاقتصادي ـة الت ـي أس ـهمت ف ـي تكري ـس وضعيـة التأخـر التاريخـي للأمـة. ولا يمكـن أن نتحـدث عـن هـذه المرحلـة مـن دون اسـتحضار التيـار الفكـري الإصلاحـي الـذي يعتبـر المحـرك الأساسـي لعجلـة التحـول، وذلـك فـي علاقـة بالمجهـودات الفكريـة والسياسـية الجبـارة التـي بذلهـا رمـوزه، سـواء ذات النزعـة الليبراليـة أو
Made with FlippingBook Online newsletter