| 176
النزعـة السـلفية. فقـد تميـز الإصلاحيـون، بمختلـف مشـاربهم الفكريـة وقناعاتهـم السياسـية، بميــزة الــروح القوميــة والوطنيــة التــي اســتطاعت أن تشــحن النزعــة الســلفية بشــحنة مــن الانفت ـاح، كمـا اسـتطاعت أن تشـحن النزعـة الليبرالي ـة بشـحنة مـن المحافظـة. وقـد حـدث هـذا خـ ل مرحلـة تاريخيـة بـدأت تنسـج بدائـل حضاريـة جديـدة كانـت ريحهـا ته ـب م ـن الضف ـة الشـمالية معلن ـة عـن ب ـروز رؤى فكري ـة جدي ـدة للعال ـم وللإنسـان، هـذه ال ـرؤى الت ـي طرح ـت عل ـى الفك ـر العرب ـي الغ ـارق ف ـي س ـباته العمي ـق إش ـكالات جوهري ـة ـا أن الفكـر العربـي عـاش هـذه ّ ً دفعتـه إلـى مراجعـة مسـيرته الحضاريـة. ومـن الواضـح تاريخي ا؛ الأمــر الــذي دفعــه إلــى طــرح مجموعــة مــن ً كبيــر ً الإشــكاليات وتفاعــل معهــا تفاعــ الأس ـئلة المحرج ـة الت ـي تمرك ـزت ح ـول س ـؤال كبي ـر: لم ـاذا تق ـدم الغ ـرب الأوروب ـي وتخل ـف الش ـرق/العالم العرب ـي الإس ـ مي؟ وقـد انبثقـت عـن هـذا السـؤال المركـزي مجموعـة مـن الأسـئلة الجزئيـة التـي حاولـت جميعهـا النفــاذ إلــى جوهــر الإشــكال الــذي يعانــي منــه الفكــر العربــي. كمــا صــاغ هــذا الســؤال بكاملهـا انشـغل خلالهـا الفكـر العربـي ً المركـزي، ومـا انبثـق عنـه مـن أسـئلة جزئيـة، مرحلـة فــي محاولــة الخــروج مــن تخلفــه. وقــد أطلــق المؤرخــون علــى هــذه المرحلــة اســم عصــر ـا علـى مسـتوى البنيـات ً النهضـة التـي تحيـل علـى وجـود انبعـاث فـي الفكـر العربـي، خصوص النظريـة السياسـية التـي حاولـت تفسـير التخلـف َّ الفكريـة، بالإضافـة إلـى انبعـاث مماثـل مـس والرك ـود ال ـذي عان ـى من ـه الفكـر العرب ـي بالع ـودة إل ـى الممارسـات السياسـية الاسـتبدادية. وهن ـا، لا يفصـل الباحـث ب ـ المشـرق العرب ـي ومغرب ـه؛ فقـد عرفـت مرحل ـة القـرن التاسـع المشـرق والمغـرب، علـى حـد سـواء، وكان نتيجـة للمـد الحضـاري َّ ـم َ ع ً ـا شـام ً عشـر انبعاث الـذي بـدأ يفرضـه الغـرب علـى العالـم العربـي، ابتـداء باكتسـاح نابليـون بونابـرت للمشـرق العربـي ومحاولتـه قلـب التوازنـات السـائدة فـي المنطقـة واسـتبدال توازنـات جديـدة بهـا تخـدم الفاعلـ الجـدد فـي العالـم، وانتهـاء بهزيمـة الجيـش المغربـي فـي مواجهـة الجيشـ الفرنسـي أكتوبر/تشــرين الأول 24( وتطــوان )1844 أغســطس/آب 4( والإســباني فــي معركتــي إيســلي
Made with FlippingBook Online newsletter