العدد الثاني من مجلة لباب

| 182

إلـى إفريقيـا إلـى أوروبـا... وقـد ظـل صـدى هـذا النجـاح يتـردد، لقـرون طويلـة، لـدى النخبة ا عنـه. ً المثقفـة باعتبـاره النمـوذج الأمثـل الـذي لا يمكـن للعـرب أن يواصلـوا طريقهـم بعيـد لذلـك، فـإن نشـوة هـذا النجـاح ظلـت تـراود رواد عصـر النهضـة، وهـم يبحثـون فـي سـبل الخـروج م ـن الرك ـود الحضـاري ال ـذي عان ـاه الفك ـر العرب ـي خ ـ ل ه ـذه المرحل ـة مرددي ـن ـح ب ـه حـال سـلفها. «ومـا دام تخل ـف المسـلمين ُ ل َ أن ـه لا صـ ح لحـال هـذه الأمـة إلا بمـا ص يرجـع إلـى تضـارب الأهـواء والفوضـى والخـروج عـن النظـام، فـإن العـودة إلـى مـا صلـح بـه .) 10 السـلف هـو المسـلك القـويم لاسـتعادة النظـام»( ـى التيـار السـلفي هـذه الرؤيـة، وحـاول مـن خلالهـا التأسـيس لتجربـة جديـدة قوامهـا َّ وقـد تبن تنقيـة الفكـر العربـي مـن الشـوائب التـي علقـت بـه، وذلـك عبـر الرجـوع إلـى العصـر الذهبـي ـا ً له ـذا الفكـر باسـتلهام مقومات ـه الحضاري ـة. لكـن ه ـذه الع ـودة لا تحم ـل ف ـي طياته ـا طابع ـا عـن ً ـة لا تفـارق الواقـع بـل تنطلـق منـه بحث َ ع ِ د ْ ب ُ ـم، وإنمـا عـودة م َّ ـا، كمـا قـد نتوه ّ ً نكوصي حلـول لركـوده. ولعـل هـذا مـا يؤكـده سـعيد بنسـعيد العلـوي عندمـا اعتبـر أن «الفكـر السـلفي ـا ً حـاول أن يقـدم الأجوبـة، وسـعى إلـى إعـادة فتـح بـاب الاجتهـاد بعـد إذ اسـتمر غلقـه قرون ـر عنـه فـي المراحـل الأولـى مـن َّ عديـدة. سـعى الفكـر السـلفي إلـى قـراءة الواقـع الـذي عب .)11( النشـأة الحديثـة بالانحطـاط والتأخـر» هكـذا، تمكـن الفكـر السـلفي مـن ضـخ دمـاء جديـدة فـي شـرايين الفكـر العربي، وهـو يبحث فـي إمكانيـات النهـوض مـن نكسـاته، وقـد كان بذلـك قـوة تحريريـة كبيـرة أسـهمت، إلـى أبعـد الحـدود، فـي الحفـاظ علـى خصوصيـة الـذات وسـط الأمـواج العاتيـة التـي هاجمتهـا، ا أمـام هـذا الفكـر للانفتـاح علـى الآخـر ً بشـكل مفاجـئ، وفـي الآن ذاتـه فتـح البـاب واسـع قصـد الاسـتفادة مـن تجاربـه فـي النهـوض، وذلـك مـن خـ ل نجـاح رواد الفكـر السـلفي فـي مهمـة إعـادة تكييـف النظـر إلـى العلاقـة بـ التحديـث (التبديـع) مـن جهـة، والعـودة إلـى ة الحسـنة) مـن جهـة أخـرى، وذلـك بتوسـط هـو العمـل علـى التجديـد َّ ـن ُّ الإسـ م الحـق (الس فـي أمـور الديـن، أو مـا يتعلـق منهـا بالعـادات والمعامـ ت علـى وجـه الخصـوص.

Made with FlippingBook Online newsletter