العدد الثاني من مجلة لباب

| 184

إن التخلـف الـذي يعانـي منـه العـرب المسـلمون هـو تخلـف يرتبـط بممارسـاتهم فـي الواقـع ولا ـة يحيـل الشـيخ محمـد عبـده النخبـة المثقفـة، التـي َ ن َّ ط َ ب ُ علاقـة لـه بالإسـ م، وفـي إشـارة م تبحـث فـي سـبل الخـروج مـن التخلـف، علـى العـودة إلـى الأصـول النقيـة للإسـ م ومحاربـة الشـوائب التـي علقـت بهـذه الأصـول، ويبـ فـي هـذا السـياق أن «الإسـ م لـن يقـف حجـر يهـا مـن أوضارهـا، وسـتكون المدنيـة مـن ِّ بها وينق ِّ ا، بـل هـو سـيهذ ً عثـرة فـي سـبيل المدنيـة أبـد .)13(» أقـوى أنصـاره متـى عرفتـه وعرفـه أهلهـا الوحيـد َّ ـل العـودة إلـى الأصـول النقيـة للإسـ م، فـي نظـر الشـيخ محمـد عبـده، الحـل ِّ وتمث ل ِّ شـك ُ للخـروج مـن المـأزق التاريخـي الـذي سـقطت فيـه الحضـارة العربيـة الإسـ مية، ولـن ت دها بق ـوة ِّ ا عل ـى المدني ـة المعاصـرة ب ـل عل ـى العك ـس م ـن ذل ـك س ـتزو ً ه ـذه الع ـودة خط ـر إضافيـة هـي فـي أمـس الحاجـة إليهـا. وبالإضافــة إلــى الأثــر الكبيــر الــذي تركــه الشــيخ محمــد عبــده علــى المرجعيــة الســلفية، ــون أهميــة عنــه، نجــد علــى رأســهم ُّ ا غيــره لا يقل ً خــ ل عصــر النهضــة، فــإن هنــاك رواد ال ـذي الت ـزم نف ـس رؤي ـة محم ـد عب ـده، وآم ـن )1897-1838( الشـيخ جم ـال الدي ـن الأفغان ـي أشـد الإيمـان بالعـودة إلـى الأصـول النقيـة للحضـارة العربيـة الإسـ مية لمواجهـة التـردي الـذي يعانـي منـه الحاضـر إلا أن الصـوت القـوي الـذي رافـق صـوت الشـيخ محمـد عبـده فـي هـذه الـذي انتقـد الممارسـة السياسـية )1966-1888( المعركـة المصيريـة هـو الشـيخ علـي عبـد الـرازق ـا لهـذا التـردي. وفـي كتابـه «الإسـ م وأصـول الحكـم» ً ا رئيس ً الاسـتبدادية التـي اعتبرهـا سـبب يوجـه سـهام نقـده إل ـى دعـاة الخلافـة، ويجادلهـم بالن ـص الدين ـي الواضـح ليثب ـت لهـم أن الخلافـة شـأن مدنـي لا دخـل للديـن فيـه، وهـو فـي ذلـك يقـول: «والحـق أن الديـن الإسـ مي ـؤوا حولهـا مـن رغب ـة َّ ب ـريء مـن الخلاف ـة الت ـي يتعارفهـا المسـلمون، وب ـريء مـن كل مـا هي ولا القضـاء ولا َّ ورهبـة ومـن عـز وقـوة. والخلافـة ليسـت فـي شـيء مـن الخطـط الدينيـة، ك غيرهمـا مـن وظائـف الحكـم ومراكـز الدولـة. وإنمـا تلـك كلهـا خطـط سياسـية صرفـة لا شـأن للديـن بهـا فهـو لـم يعرفهـا ولـم ينكرهـا، ولا أمـر بهـا ولا نهـى عنهـا، وإنمـا تركهـا لنـا لنرجـع

Made with FlippingBook Online newsletter