العدد الثاني من مجلة لباب

187 |

النهضة العربية وأسئلة التأسيس بين المرجعية السلفية والليبرالية

الاقتصـادي الـذي عمـل علـى اسـتثمار الخيـرات الماديـة للطبيعـة والخيـرات الرمزيـة للإنسـان لتشـييد فلسـفة اقتصاديـة جديـدة تقـوم علـى الإشـباع. فـي علاقـة بمنجـزات النمـوذج الليبرالـي، فقـد سـعت النخبـة النهضويـة العربيـة إلـى التعـرف، عــن قــرب، علــى هــذه الإنجــازات التاريخيــة، إمــا عبــر الرحــ ت التــي عاشــت اللحظــة ـرت عنهـا خيـر تعبيـر، وإمـا عبـر البعثـات الطلابيـة التـي فتحـت لعهـد جديـد فـي التعامـل َّ وعب ا و ممارسـة، وق ـد تم ه ـذا ف ـي مش ـرق العال ـم العرب ـي م ـع ً م ـع الآخـر والتع ـرف علي ـه، فكـر 1790-( ، وف ـي المغ ـرب العرب ـي م ـع السـلطان محم ـد ب ـن عب ـد الله )1849-1769( محم ـد عل ـي ومـا يوحـد هذيـن الرمزيـن النهضويـ ، هـو اقتناعهمـا التـام بضـرورة نقـل صـدى هـذا ،)1710 المشـروع الليبرالـي الغربـي إلـى الفكـر العربـي. ـرت المرجعيـة الليبراليـة فـي الفكـر العربـي عـن نفسـها عبـر الترويـج لمفهـوم مركـزي َّ وقـد عب يسـتمد قوت ـه م ـن المسـتجدات الطارئ ـة، عل ـى المسـتويين الفكـري والسياسـي، وه ـو مفه ـوم ــا بالراهــن، فيمــا يتعلــق ً «التحديــث» الــذي يحمــل شــحنة فكريــة وسياســية تجعلــه مرتبط بالوجـود الاجتماع ـي وم ـا يرتب ـط ب ـه م ـن أنم ـاط الوجـود السياسـي والاقتصـادي والقانون ـي والفكـري.... كمـا أنـه يتعلـق بمـا يحصـل مـن الوعـي عبـر النظـر فـي تلـك الأنمـاط المختلفـة مـن الوجـود فـي صلتهـا بالأحـداث المسـتجدة والظاهـرة فـي مسـتويات السياسـة والاجتمـاع والاقتصـاد. و»كمقابـل لمفهـوم التحديـث، حضـر مفهـوم «الاجتهـاد» الـذي يسـتمد روحـه مـن ا فـي الفكـر والشـريعة بغيـة تقـديم الحلـول والأجوبـة الشـرعية ً المرجعيـة السـلفية، باعتبـاره نظـر . )18( علـى المسـتجدات التـي تحـدث فـي المجتمـع الإسـ مي» وإذا تجاوزنـا مسـتوى التنظيـر إلـى مسـتوى الممارسـة، نجـد النخبـة المثقفـة العربيـة قـد حاولـت القيـام بمراجعـات فـي كل أنمـاط الراهـن المختلفـة، سـواء مـا تعلـق منهـا بالوجـود الفكـري أو السياسـي أو الاجتماعـي. وبمـا أن هـذه النخبـة قـد جسـدت كل مظاهـر التخلـف فـي البعـد ا ً السياسـي، م ـن حي ـث التأثي ـر السـلبي ال ـذي يمارسـه الاسـتبداد عل ـى الفكـر فيجعل ـه راكـد وغيـر قـادر علـى صياغـة الأجوبـة النافـذة علـى الأسـئلة المطروحـة، فـإن الخطـاب التحديثـي

Made with FlippingBook Online newsletter