العدد الثاني من مجلة لباب

193 |

النهضة العربية وأسئلة التأسيس بين المرجعية السلفية والليبرالية

قيمــت دورة للمحاضــرات التــي كانــت تنظمهــا حكومــة الحمايــة بالمعهــد أ 1923 ففــي ســنة العلمـي بالربـاط، وقـد شـارك فيهـا الحجـوي إلـى جانـب مجموعـة مـن علمـاء المغـرب تحـت وكان موضـوع مداخل ـة .)1957 1860-( رئاسـة الوزي ـر الأول محم ـد ب ـن عب ـد الس ـ م المق ـري الحجـوي ف ـي ه ـذه ال ـدورة ه ـو «تعلي ـم الفت ـاة ومشـاركتها ف ـي الحي ـاة» لكـن وقب ـل أن يت ـم ـا إيـاه: «إن الديـن الإسـ مي لا يسـاعد ً الحجـوي محاضرتـه، أقـدم المقـري علـى إيقافـه مخاطب ـه الـكلام إلـى َّ ـا يجعلهـا تشـارك الرجـل وتزاحمـه فـي الحيـاة» ووج ً علـى تعليـم البنـت تعليم أب ـي شـعيب الدكال ـي: «فمـا قول ـك أيه ـا الأسـتاذ ف ـي الموضـوع: أيجـوز هـذا أم لا يجـوز؟ .)32( فأجابـه الشـيخ بالمن ـع. وهكـذا جلـس الحجـوي دون أن يت ـم محاضرتـه» وهكـذا، لا نجـد وضعيـة الحجـوي تختلـف عـن وضعيـة مصلـح آخـر فـي المشـرق العربـي دافـع ال ـذي عان ـى مـن المجتمـع التقلي ـدي مثلمـا )1908-1863( عـن تعلي ـم المـرأة، هـو قاسـم أمـ عان ـى الحجـوي ف ـي المغ ـرب؛ الأم ـر ال ـذي يدف ـع الباحـث إل ـى اسـتنتاج مه ـم يتجل ـى ف ـي وحـدة الأهـداف الإصلاحي ـة ب ـ المشـرق العرب ـي ومغرب ـه، وكذل ـك ف ـي وحـدة المعوق ـات التـي كانـت تسـعى إلـى عرقلـة تحقـق هـذه الأهـداف. لقــد ركــزت المرجعيــة الليبراليــة فــي الفكــر النهضــوي العربــي، فــي المغــرب، علــى إثــارة موضـوع التحديـث، باعتبـاره يجسـد طفـرات كبيـرة ومهمـة عرفهـا المغـرب، خـ ل مرحلـة القـرن التاسـع عشـر، علـى غـرار المشـرق العربـي إلا أن تجربـة التحديـث، فـي المغـرب، لهـا خصوصيتهـا الذاتيـة مـن حيـث ارتباطهـا بالأسـئلة التـي فرضهـا الراهن/الواقـع، وكذلـك مـن خـ ل ارتباطهـا بشـراكة فريـدة تحققـت بـ المخـزن (النظـام الحاكـم) والنخبـة المثقفـة. كمـا أن خصوصيـة التحديـث فـي المغـرب تتجلـى فـي قربـه مـن الضفـة الشـمالية للبحـر الأبيـض المتوسـط، حيـث مركـز الحداثـة الأوروبيـة، الشـيء الـذي جعـل التحديـث لا ينتقـل فقـط عبـر فوهـات المدافـع وعب ـر المـدارس التبشـيرية المسـيحية، ولكـن كذل ـك عب ـر التواصـل الشـعبي بـ ضفتـي البحـر الأبيـض المتوسـط.

Made with FlippingBook Online newsletter