العدد الثاني من مجلة لباب

203 |

نحو تبني ثقافة الانحياز إلى المستقبل ودراسات المستقبلات في الوطن العربي

ـا ّ ً نزوعهمـا العلمـي نحـو استكشـاف مـا قـد يـؤول إليـه المسـتقبل، بيـد أنهمـا يختلفـان جذري ـر عـن مقاربـة منهجيـة كميـة لدراسـات المسـتقبلات، ِّ عـن بعـض. فإضافـة إلـى أن التنبـؤ يعب يفيـد الاستشـراف بمقاربـة منهجيـة كميـة وكيفيـة فـي آن للغـرض ذاتـه. تتبايـن كذلـك الأسـئلة عـن: كـم سـيكون ً المطروحـة مـن قبلهمـا وأجوبتهمـا؛ فبينمـا تتسـاءل دراسـات التنبـؤ مثـ عـن: كيف ً عـدد سـكان الدولـة (س) فـي الزمـان (ص)؟ تتسـاءل دراسـات الاستشـراف مثـ يحتمـل أن تكـون نوعيـة سـكان هـذه الدولـة فـي الزمـان ذاتـه؟ ـا أن التسـاؤل الـذي يبـدأ بكلمـة (كـم) يفضـي إلـى إجابـة تختلـف عـن ذاك الـذي ً معلوم ُّ ـد َ ع ُ وي يبـدأ بكلمـة (كيـف). فـالأول ينتهـي إلـى تقـديم إجابـة شـبه قاطعـة، وتنتفـي بالتالـي عنهـا خصائـص الشـرطية والاحتماليـة والعموميـة. أمـا التسـاؤل الثانـي الـذي يبـدأ بكلمـة (كيـف) م إجاب ـة مختلفـة تتأسـس عل ـى ذات الخصائ ـص الت ـي تفتقـر إليهـا كل مقول ـة جازمـة، ِّ قـد ُ في .)14( وتفيـد بالعلاقـة الطرديـة بـ معطيـات (شـروط) الحاضـر واحتمـالات المسـتقبلات وإزاء ذل ـك نج ـد أن دراس ـات المس ـتقبلات ه ـي عملي ـة بح ـث علم ـي ف ـي مج ـال م ـا تب ـدأ مـن الماضـي وتـدرس الحاضـر بعنايـة لتحديـد آفـاق واتجاهـات المسـتقبل وعوامـل التغييـر فيـه بشـكل كلـي وتوقـع إمـكان اختـ ف هـذه الـرؤى مـع مـا قـد يحـدث بالفعـل من المسـتقبلات ). م ـن هن ـا، ف ـإن دراسـات المسـتقبلات تسـتدعي م ـن الباحـث أن يكـون عل ـى جان ـب 15( ) إذا مـا ابتغـى الدقـة فـي بحثـه العلمـي. 16( كبيـر مـن الموضوعيـة والواقعيـة . دراسات المستقبلات 3.2 تطـور مفهـوم المسـتقبلات، كمـا تطـورت النظـرة إليـه، مـع تطـور الفكـر البشـري، مـن نظـرة طـت لـه قـوى خارقـة لا يمكـن تجـاوز تخطيطهـا َّ ـا» رسمتـه وخط ً ا محتوم ً تـرى المسـتقبلات «قـدر ذكــر، إلــى نظــرة تنطلــق ُ بــأي حــال مــن الأحــوال، ولا يملــك الإنســان حيالهــا خيــارات ت ـا يمكـن ّ ً ا زمني ً د، وتـرى فـي المسـتقبلات بعـد ُّ مـن مبـدأ الصيـرورة وقـدرة الحيـاة علـى التجـد IIya( ـم فـي صورتـه. فنحـن، كمـا قـال العالـم الفيزيائـي والفيلسـوف، إليـا بريغوجـ ُّ التحك «لا نسـتطيع التكهـن بالمسـتقبل، لكنن ـا نسـتطيع صناعت ـه». وكذلـك التمكـن مـن :)Prigogine

Made with FlippingBook Online newsletter