العدد الثاني من مجلة لباب

215 |

نحو تبني ثقافة الانحياز إلى المستقبل ودراسات المستقبلات في الوطن العربي

الأولـى لإرسـاء أسـس المسـتقبلات وآليـات استشـرافه كانـت فـي جلهـا غربيـة، وإن أضحـت اء ديناميـة وتاريخيـة عملياتـه، أكثـر َّ بعـد ذلـك عابـرة للمـكان. وكجـزء مـن عالـم صـار، جـر ـا، تأث ـر ع ـدد م ـن المفكري ـن والمثقف ـ الع ـرب بالتوج ـه العالم ـي نح ـو التفكي ـر ً ا واقتراب ً صغ ـر العلمـي للمسـتقبل واستشـرافه. ونـرى أن ذلـك سـاعد عليـه أمـران مهمـان: ُّ ـد َ ع ُ ـر ع ـن دورة أبع ـاد متعاقب ـة وأن المس ـتقبلات ت ِّ - أولهم ـا: انتش ـار الوع ـي ب ـأن الزم ـان يعب مآلهـا الأخيـر وبالتالـي هـو الأهـم مـن الماضـي والحاضـر، لاسـيما وأنـه الزمـان البكـر الـذي تسـتطيع الإرادة الإنسـانية الحـرة والواعيـة التدخـل لصياغـة حقائقـه ابتـداء مـن الحاضـر. بيـد أن هـذه الأهميـة لا تعنـي أن الماضـي بحقائقـه غيـر قابـل التغييـر، وأن الحاضـر بمعطياتـه قابـل ـا، ً ا أو إيجاب ً )، بـل إن قيمتهمـا تتحـدد علـى وفـق تأثيرهمـا، سـلب 47( التغيي ـر، لا قيمـة لهمـا عـن أن أهميتهمـا تكمـن فـي علاقتهمـا ً فـي نوعيـة موقفنـا مـن بنـاء المسـتقبلات، هـذا فضـ أحـد ُّ ـد َ ع ُ اء دراسـة الماضـي والحاضـر ت َّ باستشـراف مشـاهد المسـتقبلات. فالمعرفـة المكتسـبة جـر أهـم المصـادر التـي تسـتند عليهـا دراسـات المسـتقبلات. - ثانيهمـا: توافـق الـرأي علـى جـدوى المشـاركة فـي تلمـس السـبل التـي تفضـي إلـى الحـد مـن تفاقـم الأزمـة العربيـة الممتـدة عبـر الزمـان وآثـار مخرجاتهـا فـي دفـع العـرب إلـى خـارج .)48( التاريـخ علــى أن المحــاولات العربيــة الرائــدة، ســواء الفرديــة أو الجماعيــة، علــى صعيــد استشــراف المســتقبل العربــي خــ ل عقــدي الســبعينات والثمانينــات مــن القــرن الماضــي قــد توقفــت ــا فــي العمــوم. ومــع ذلــك لا يلغــي توقــف اســتعدادنا لبنــاء مســتقبلنا عبــر الدراســة ً لاحق العلميـة، اسـتمرار صـدور كتابـات تحمـل عناوينهـا كلمـة المسـتقبلات. بيـد أن هـذا الإنتـاج ا عــن ً الــذي تحــدث عــن الماضــي أو الحاضــر أكثــر ممــا تكلــم عــن المســتقبلات، كان بعيــد . وقــد تزامــن ذلــك مــع كتابــات عربيــة اســتمرت فــي )49( الاستشــراف العلمــي لمشــاهده الصـدور وبمضامـ مسـتقبلية، ولكـن مـن دون أن تعلـن عناوينهـا عـن ذلـك، وكأنهـا تخشـى .)50( الاتهــام باستشــرافها للمســتقبل

Made with FlippingBook Online newsletter