| 34
الرعـب السياسـي وإحجـام المقاومـة العلني ـة ضـد السـلطات القائمـة سـواء بشـكل مباشـر أو غيـر مباشـر. وإذا كان بإمكاننـا التشـبث بتعريـف للسـلطان كتحكـم فـي الأشـخاص والمـوارد، ــا أن تســهم أخــ ق العائليــة فــي إجهــاض مجهــودات العدالــة التوزيعيــة ّ ً فإنــه يبــدو منطقي ا لا ً للمــوارد والرســاميل الماديــة والرمزيــة. وكمــا فــي الســابق، تلعــب محابــاة الأقــارب دور يسـتهان بـه فـي المعـادلات البنيويـة التـي تربـط أخـ ق العائليـة بالمتغيـرات السياسـية المسـتقلة. خلاصـــة فـي المجتمعـات التـي تتأرجـح علـى عتبـة الانتقـال الديمقراطـي لا تكفـي الهندسـة المؤسسـاتية والقانونيــة لتحصــ الاجتمــاع السياســي مــن اعتنــاق الثقافــة غيــر الديمقراطيــة. فالمواطنــة كعمـاد للديمقراطي ـة إنمـا تترعـرع ف ـي خضـم ثقاف ـة سياسـية أشـبه بمزروعـات البسـتان الت ـي تتطلـب السـقي والشـذب والعنايـة المسـتمرة. ويسـتلزم ذلـك أن ضعـف المشـاعر المدنيـة المبنيـة ــب نقــص يصعــب معــه اســتبطان أخــ ق َّ ل مرك ِّ علــى المســاواة والنزاهــة والعموميــة يشــك الحداث ـة السياسـية. ـر بشـكل لافـت للنظـر علـى المتغيـرات المرتبطـة بجوهـر الديمقراطيـة ِّ والواضـح أن العائليـة تؤث الفعلي ـة وتمن ـع انبث ـاق الشـروط القيمي ـة والثقافي ـة الضروري ـة الت ـي تجعـل الأفـراد والجماعـات ـا عـن الن ـوازع الفطري ـة لفائ ـدة المشـاعر المدني ـة المضـادة للفسـاد المؤسسـاتي ّ ً يتخل ـون تدريجي طت الضـوء بمـا فيـه الكفايـة علـى الجـذور َّ والبيروقراطـي. وإذا كانـت هـذه الدراسـة قـد سـل البعيـدة للعائليـة غيـر الأخلاقيـة، فإنهـا بالمقابـل قـد أغفلـت عوامـل أخـرى بسـبب محدوديـة ل إحـدى النقائ ـص ِّ المعطي ـات المتواف ـرة. ومم ـا لا ش ـك في ـه أن إغف ـال العام ـل الدين ـي يش ـك الأساسـية؛ فقـد افتـرض الباحثـان أن خطـاب المؤسسـات الدينيـة حـول ذوي القربـى يحمـل دلالات أنثروبولوجيـة ليسـت فـي منـأى عـن أخـ ق العائليـة، وتسـاءلا حـول مـا إذا كانـت هنـاك علاقـة بـ عـدد المسـلمين فـي المجتمعـات المختلفـة وتبايـن درجـات أخـ ق العائليـة، لكنهمـا وجـدا أن أحسـن طريقـة للتحقـق مـن وجـود العلاقـة المفترضـة تكمـن فـي فحصهـا علـى المسـتوى الفـردي، أي بـ التوجهـات الدينيـة للأفـراد ومـدى اسـتبطان أخـ ق العائليـة.
Made with FlippingBook Online newsletter