العلاقات التركية-القطرية: السياسة الخارجية والأمن الإقليمي

المطلب الثاني: حماية المصالح المشتركةفي الإقليم ســعت كل مــن تركيا وقطر إلــى حماية مصالحهما فــي الإقليم في مواجهة الاختراقــات الدوليــة، ومن أبرز النماذج على ذلك الأزمة الليبية، والتي شــهدت تدخلات دولية واسعة، ابتداء من القوى الأوروبية الجارة كإيطاليا، والقريبة كفرنسا وألمانيا، إلى جانب قوى دولية كبرى كالولايات المتحدة الأميركية وروسيا. حماية المصالح التركية-القطرية في ليبيا شــكلت الســاحة الليبية ســاحة لصراع الإرادات الإقليمية والدولية، وساحة لتنازع الصلاحيات بقوة الســ ح، حيث تعاني البلاد من انقسام سياسي وصراعات مســلحة بين شــرق البلاد وغربها، وعلى الرغم من الاعتــراف الدولي بالحكومة الليبيــة فــي طرابلس إلى أن عددًا من الأطراف الدولية تدعم اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وفي مقدمتها فرنســا التي تدعمه عسكريًا واستخباراتيًا تحت مسمى محاربة الإرهاب ليستكمل توسعه في الشرق والجنوب بما يضمن حصتها من ثروات ليبيا الطبيعية الهائلة، إلى جانب تعاونها مع الأطراف الإقليمية الداعمة لحفتر كالسعودية، والإمــارات. كذلك روســيا والتــي تفضّل التعــاون مع الطرف المســتعد لتقديم الامتيازات لها، ولا شــك أن هذا أســهل في وجود شخص عسكري غير منتخب كحفتر، الأمر الذي يحقق لها نفوذًا سياسيّا، وحضورًا ميدانيّا؛ لتحقيق مكاسب في ليبيا الغنية بالموارد الطبيعية، وتقدم روســيا لحفتر الدعم العســكري والاستخباري وأعدادًا كبيرة من المرتزقة للقتال إلى جانبه. في المقابل تدعم الحكومة الشــرعية في طرابلس أطرافًا دولية مثل إيطاليا الأقرب جغرافيّا إلى ليبيا، والتي تعدّها ضمن أمنها القومي، وتشاركها في ملفات كبيرة، كملف اللاجئين، غير أن سياساتها تتسم بالغموض والتردد في كثير من الأحيان. هذه التدخلات من أطراف دولية زادت من تعقيد المشــهد الداخلي في ليبيا، وأججت الحرب الأهلية فيها، ووضعت الأطراف الإقليمية ومن بينها تركيا وقطر أمام تحديات أكبر، لاســيما أن معظم القوى الدولية، وإن كانت تعترف رسميًا بحكومة الوفاق الوطنية برئاسة السراج، غير أنها تدعم اللواء المتقاعد حفتر، كما أن إيطاليا

159

Made with FlippingBook Online newsletter