..صعود وسقوط تنظيم الدولة في سرت

لم تكن بحاجة إلى استقاء كثير من المعلومات الجديدة عن ميدان المعركة، ومسارحها؛ لكونها خبرت الحرب في مدينة سرت مرتين خلال الأعوام الأربعة التي سبقت عملية ، وانتهاء بتحرير المدينة 2011 البنيان المرصوص، ابتداء من معارك حرب التحرير في من قبضة العناصر المتطرفة التي سيطرت عليها، كما أشرنا سابقا؛ فهناك عناصر كثيرة ما زالت مجهولة، أو لا يمكن الجزم بدقة المعلومات المتوافرة عنها. منها إمكانيات العدو العسكرية والبشرية، وكذا بعض تكتيكاته المبتكرة. لذلك فقد كان مربكا بعض الشيء الدخول إلى معركة تجهل الكثير من التفاصيل عن قيادة العدو فيها، ولا تعرف على وجه الدقة أعداد مقاتليه، ولا أنواع التدريبات التي تلقوا، ولا خبراتهم السابقة. إن مواجهــة الجيوش النظامية تعتبر ســهلة إذا ما قورنت بمواجهة تنظيم عنيف قائم على صناعة الرعب والوحشية المفرطة. ومع وجود نماذج يمكن دراستها لأعمال التنظيم القتالية في مركزه الرئيسي بسوريا والعراق، وإلى حد ما مدينة درنة الليبية، فقد كان التنظيم بارعا في تغيير التكتيكات، والاستخدام الذكي للأرض، والتفنن في أنواع صاحبت عمل التنظيم في سرت. وكان " شبه جديدة " التفخيخ، وغير ذلك من ظواهر لزاما إدخال هذه العناصر في أي تحديث لخطة الحرب. وقد جعلت تكتيكات التنظيم العناصر المتغيرة في الخطة أكثر من الثابتة تقريبا، على غير عادة الخطط العسكرية. محاور لإحكام الطوق يعتبر توزيع المحاور من العناصر الثابتة في أي خطة عســكرية؛ ففي كل معركة هنــاك محاور هجوم، ومحاور دفاع، ومحــاور مناورة. ومع أن المحاور من العناصر الثابتــة فــي الخطط العســكرية، إلا أن توزيعهــا، وعددها، وطــرق التحرك فيها من العناصــر المتطورة، التي يتم تحديثها أثناء المعارك، وبين كل معركة وأخرى. ويعتمد رسم المحاور على مواقع العدو وتموقعاته على أرض المعركة. وإذا نظرنا إلى مدينة نجد 2016 يونيو/حزيران 8 ســرت بعد جزيرة بوهادي وكامل الطريق الســاحلي يوم أنها تحتاج إلى مجموعة من المحاور، لإحكام الطوق حولها كلما اقتربت قوات البنيان المرصوص نحو وســط المدينة، وحصر قوة التنظيــم داخلها حتى القضاء عليه. عند توزيع المحاور يجب اســتحضار طبيعة هدف المعركة؛ فإذا كان الهدف هزيمة العدو بإخراجــه مــن المواقع واحتلالها، فإن الطبيعي أن تــوزع المحاور بحيث تترك منفذا للهرب، وتفتح الطرق للعدو للفرار حتى لا يستبســل في القتال، ويتحول إلى رهينة،

113

Made with FlippingBook Online newsletter