الأصول الاجتماعية والفكرية للحركة الإسلامية المغربية سيرورة…

ما يعني ذلك من المساهمة في تدبير الإشكاليات القتصادية والجتماعية للمواطنين. وقد بدا ذلك واضحًا، كما تناولنا في محاور ســابقة، على مســتوى البرامج المقترحة من طرف الحزب، وأيضًا على مستوى الشراكات السياسية التي انخرط فيها، أو على مستوى التحول في تدبير العلاقة بين الدعوي والسياسي، والتي خلصت للتمايز على ثلاثة مستويات، كما تطرقنا لذلك في الفقرة السابقة. فقد كان لذلك انعكاسات أخرى على مستوى تدبير العلاقة بين المرجعية الأيديولوجية للحزب، مقابل متطلبات العمل السياسي من داخل مؤسسات الدولة، الذي يفرض على الممارسين اللتزام بالبراغماتية والوقاية إلى حدّ بعيد. حول هذه النقطة، يمكن إبراز ســت ســمات جوهرية برزت بشــكل لفت في ، يدبر بها وظيفته الحكومية: " حزب العدالة والتنمية " الممارسة السياسية التي أضحى أولً: توظيف آلية التوافق لتدبير العلاقة مع باقي الفاعلين السياسيين. فحزب العدالة " ثانيًا: التدبير بمنطق الجزء من الكل وليس الكل من الجزء، لهذا اعتمــد في منهجيته، بالرغم من الصلاحيات التي يكفلها الدســتور لرئيس " والتنميــة الحكومة، نهجًا تشاركيّا في تدبير السياسات العمومية. ثالثًا: رصد تحول كبير على مســتوى الممارسة وعلى مستوى الخطاب، يعكس استيعاب الحزب عملية تحوله من موقع المعارضة إلى موقع التسيير الحكومي. رابعًا: جُلّ القوانين والتشريعات التي أقدمت عليها الحكومة، سواء على مستوى تنزيل مضامين الدســتور، أو على مســتوى القوانين العادية، لم يُسجّل عليها أي مس بالحقوق الفردية، والحريات العامة الخاصة بالشــأن الديني أو الأخلاقي للمواطنين، وهي رسائل مضمنة لفعاليات المجتمع المدني والتيارات العلمانية، التي كانت متوجسة من توجهات الحزب في هذا المجال. خامسًا: واقعية التدابير القتصادية والجتماعية والثقافية، التي اعتمدتها الحكومة في تدبير السياســات العمومية؛ ولهذا غابت الشــعارات الأخلاقيــة والطهرانية، التي كان يوظفها الحزب في مرحلة المعارضة، خصوصًا فيما يتعلق بالسياســات التعليمية والثقافية والفنية. سادسًا: شهدت علاقة الحكومة مع التزامات المغرب الدولية، الخاصة بالمصادقة علــى بعض التشــريعات والعهود الدولية، التزامًا كليّــا بها. كما أن الحكومة لم تلجأ لسنّ قوانين تمس المصالح الغربية القتصادية بالمغرب، بالإضافة إلى استمرار التعامل

270

Made with FlippingBook Online newsletter