الأصول الاجتماعية والفكرية للحركة الإسلامية المغربية سيرورة…

خاتمة أســفرت عملية تحليل تحولت الفاعل الإسلامي المغربي وفق المنظور السابق الإشارة إليه، عن ثلاثة محددات جوهرية: المحدد الأول: وهو العامل الخارجي، وخلاصته أنّ المشاركة السياسية من داخل المجال العام الرسمي، أدت بالحركة الإسلامية إلى الحتكاك بالعمل الميداني كفاعل ممارس، بكل ما يعني ذلك من احتكاك مع باقي الممارسين للفعل السياسي؛ من تيارات وتنظيمــات وأحزاب وفعاليات المجتمع المدني قد تتعارض منطلقاتها وأيديولوجيتها مع مرجعية الحركة الإسلامية، ناهيك عن طبيعة النسق السياسي المغربي، الذي طالما رأى في الفاعل الإســ مي أحد الروافد المنافســة له على مشروعيته الدينية، وهو ما شكّل تحديًا رئيسًا للحركة، خصوصًا في مواجهة الخصوم السياسيين، الذين يخوضون في مجال المنافسة السياسية صراعًا قائمًا على نقد أيديولوجيتها ومنطلقاتها المرجعية، مما حتّم على هذه الأخيرة أن تقدم مزيدًا من التنازلت والمراجعات. المحدد الثاني: وهو العامل الداخلي، الذي يتولد بدوره عن محفزات ومؤثرات العامــل الخراجي، ومفاده أنّ النخراط في العملية السياســية، وتدبير الشــأن العام، يدفــع الحركة للتعامل مــع مواضيع وقضايا متجددة ومختلفة في طبيعتها عن القضايا والرهانات التي يقوم عليها الأمر داخل مجال الدعوة. وهو ما يدفع الحركة إلى إحداث نقد داخلي ومراجعة تصوراتها ومنطلقاتها، حتى تتكيف مع ما تتطلبه الممارســة من آليات وأولويات، ومنطق خاص بها. وهنــا، يبرز المحدد الثالث الذي يفرض على الحركة اللتزام بخطاب سياســي واقعــي، يغلــب عليه الطابع السياســي أكثر من الخطابات الأيديولوجية الإســ مية. فالنخراط بالعملية السياسية، ثم المشاركة في العملية النتخابية، وخوض تجربة تدبير الشــأن العام يكون له أثر بليغ في تنقيح المفردات المســتعملة في عملية الحتكاك السياســي، ثم في المبادئ المؤطــرة لنظرة الفاعل للعملية السياســية برمّتها. وعليه، يصبح التركيز على مدى اســتجابة الفاعلين السياســيين والجتماعيين للبيئة المحيطة بهــم أكثــر أهمية وجدوى من أجل اختبار مدى اســتعداداهم لتغيير خطابهم، وتنقيح أيديولوجيتهم، ومرونة استجابتهم للمتغيرات الطارئة ببيئتهم الخارجية.

275

Made with FlippingBook Online newsletter