وهو ما سعت للكشف عنه هذه الدراسة؛ من خلال إبراز محددات التأثير الذي تتركه عملية المشــاركة السياســية للفاعل الإسلامي، والتي يكون لها تجليات عديدة، سواء على مستوى بنيتها التنظيمية أو على مستوى بنيتها الأيديولوجية. أما على الصعيد التنظيمي: كانت عملية القطيعة التي أحدثها النشطاء المنفصلون ، بداية من الثمانينات من " عبد الإله بنكيران " ، بقيادة " حركة الشــبيبة الإســ مية " عن القرن الماضي، قد قامت على ثابتين تنظيميين أساســيْن: القطيعة مع العمل الســري، والقطيعة مع أسلوب القيادة المنفردة للعمل الحركي. بعد أن انكشفت النوايا الراديكالية ، وهي السنة 1975 ؛ ابتداء من سنة " عبد الكريم مطيع " لحركة الشبيبة الإسلامية بزعامة التــي اغتيل فيها المناضل التحادي، عمر بنجلون؛ حيث نُسِــب للحركة تورطها في عملية الغتيال. تحول عمل حركة الشــبيبة الإســ مية إلى الســرية والتخفي، وهو ما زاد مــن عمليــة الحصار الأمني الذي ضرب عليها. فكان أول ما أعلن عنه النشــطاء ، هو نبذ السرية، والسعي نحو العمل وفق " حركة الشــبيبة الإســ مية " المنفصلون عن القوانين الشرعية، وكانت تلك أول خطوة لبدء عملية التحول والمراجعة لدى الفاعل الإسلامي قيد الدرس. وقد انعكســت القطيعة مع العمل الســري، على البنية التنظيمية التي ســعى إلى تدشينها قادة الحركة، عبر إعادة ترسيم حدود التنظيم بما يجعل القيادة منتخبة وخاضعة للمســاءلة، وهو ما أســهم في مأسسة العمل التنظيمي لحركة الجماعة الإسلامية، عبر اعتماد قانون داخلي يحدد الصلاحيات واللتزامات والعلاقات داخل التنظيم. وقد انعكســت هذه التحولت التي دشــنتها الحركة منذ منتصف الثمانينات إلى حدود منتصف التســعينات، على البنية التنظيمية للحركة مســتقب ً، بعد عملية الوحدة حركة " ، تحت لواء " رابطة المســتقبل الإسلامي " و " حركة الإصلاح والتجديد " ما بين ؛ حيث تم النتقال من أسلوب الحركة الجامعة إلى أسلوب الحركة " التوحيد والإصلاح الرسالية، وهو ما نقل الحركة من وضعية التموقع على الذات إلى النفتاح على الآخر، . بمعنى " بالتوسع من خلال المشروع وليس من خلال التنظيم " فيما سُمي لدى الحركة أن عملية الإصلاح التي تتوق إليها الحركة، ليس من الضروري أن تتم من قِبل التنظيم . وهو ما يعني النفتاح على ((( ول حتى من قبل أفراده، بل المهم أن تتحقق في الواقع الآخر، والقبول بالتعددية السياسية والجتماعية. ، مجلة الفرقان ، " حركة التوحيد والإصلاح: حصيلة التحولت والمراجعات " سعد الدين العثماني، ((( . 2016 ، 76 عدد
276
Made with FlippingBook Online newsletter