الأصول الاجتماعية والفكرية للحركة الإسلامية المغربية سيرورة…

مــن أبــرز التحولت الأخرى التي مسّــت البنية التنظيميــة للحركة، بروز مبدأ التخصص، الذي أفرز تفرعات تنظيمية موازية للحركة، من تجلياتها الشتغال بالعمل ، الذي تعتبر قياداتــه الحالية القيادات " حزب العدالــة والتنمية " السياســي مــن خلال المؤسّسة والمطورة للعمل الحركي، بحركة التوحيد والإصلاح وأصولها السابقة بكل . " حركة الإصلاح والتجديد " و " الجماعة الإسلامية " من ووفــق مبدأ التخصص، عرفت العلاقــة بين الحركة والحزب، تطورًا مطردًا منذ عبد " ، وهي الســنة التي اندمج فيها جُلّ قيادات الحركة، بحزب الدكتور 1996 ســنة ، قبل أن يتحول لســم " الحركة الشــعبية الدســتورية الديمقراطية " " الكريم الخطيب ، كأحــد التطورات التي تدخل ضمن دينامية التحول الطارئة " حــزب العدالة والتنمية " على البنية التنظيمية للحزب أيضًا، والتي تحولت من علاقة عضوية، كما كان الشــأن في بداية الأمر، إلى علاقة تمايز وظيفي، وإلى علاقة استراتيجية بين تنظيمين منفصلين في إطارهما المنظم وفي قيادتهما المسيّرة. وما خلصت إليه الدراسة في هذه الجزئية من التحليل، أن التحولت التي طرأت علــى البنيــة التنظيمية والمرجعية الفكرية للحركة ومن خلالها الحزب، لم تكن ولدة مخططات واعية، وإرادة متأصلة في برامج الفاعل الإســ مي، ولكنها وليدة لسيرورة من النخراط والمشــاركة السياســية، التي تسبق عملية التأصيل والتنظير، والذي يأتي في مرحلة متأخرة عمَا تكشفه الممارسة السياسية من نتائج، ليكون إمّا مكمًّ لها أو داعمًا لها. أما على مســتوى المرجعية الأيديولوجية؛ فخضع مســار الحركة الإسلامية في المغرب، موضع المعالجة في هذه الدراســة، لإكراهات وسياقات وعقبات، وقد بات واضحًا خلال العقدين الأخيرين، دخول أطر وقادة الحركة في دينامية التســيّس، بما يقتضــي ذلك من الخضــوع لمنطق المصلحة والربح والخســارة وإكراهات التنافس السياســي مع باقي التيارات والتنظيمات السياســية، التي تتعــارض في مرجعيتها مع منطلقات وتصورات الحركة الإسلامية. هذا، إلى جانب الإكراهات التي يفرضها النسق السياســي، الذي يجعل المؤسســة الملكية الفاعل السياسي الرئيس، والممثل الوحيد للمشــروعية الدينية؛ وهو ما أفضى بشــكل متدرج، كما تناولنا في متن الدراسة، إلى تنامي نزعة براغماتية، وتراجع النزعة الأيديولوجية. إذ إنه في بدايات تشــكل الحركة الإســ مية كان الطابع الغالب على تصوراتها

277

Made with FlippingBook Online newsletter