العامــل الأول: يتجلــى في طبيعــة المتغيــرات الحاصلة في بيئتها السياســية والجتماعية؛ فالظروف المتغيرة بالبيئة الخارجية تسهم في تمديد أو تقليص مساحات الفرص المتاحة أمام الحركة، وهو ما يدفعها إلى تكييف استراتيجيتها لتحقيق أهدافها، بناء على ما تتيحه هذه البيئة من فرص. العامــل الثانــي: يعود إلى قدرة الحركة على تأطير مســاحات الفرص وإدراكها واستيعاب تكلفتها التنظيمية والأيديولوجية، من خلال تطوير أساليب التعبئة من جهة، ومفاهيمها، وتصوراتها، كحركة هوياتية تجاه الدولة والمجتمع، من جهة ثانية. وهو ما يؤدي إلى اســتنتاج رئيس يقضي بكون انخراط الفاعل الإســ مي في العمليــة السياســية، لم يكن فقــط نتيجة لعامل الدمج الذي ســعت إليه الدولة تجاه الحركة، ولكن كان أيضًا لعامل ذاتي جرّاء سعي الحركة، نحو خلق مساحات لفرص التسيس والمشاركة، من أجل الدفاع عن مواردها ومصالحها ومكاسبها التنظيمية. ɒ من النتائج الأخرى التي خلصت إليها هذه الدراســة، أنه كلما تقدمت مســتويات انخراط الفاعل الإســ مي، في المجال السياســي العام الرســمي، تفككت بنيته الأيديولوجية وتصوراته السياســية بشــكل مطرد، لتتيح الفرص لبنيات متجددة، ومتكيفة مع البيئة السياســية القائمة. وهو ما يجعل العلاقة ســببية بين الممارسة السياســية كمتغير مســتقل؛ والمرجعية الأيديولوجية كمتغير تابع لما يحصل من تطورات وتحولت، على الفعل السياسي للفاعل الإسلامي. ɒ أخيرًا، نعود من حيث انطلقنا إلى نقطة رئيســة في اســتجلاء مدى التحول الذي لحق بالحركة الإســ مية المغربية، حينما قسّمنا عملية التحول الطارئة على البنية السلوكية، والبنية الأيديولوجية، ثم البنية التنظيمية للحركة، إلى ثلاثة أنواع: ، " شــاملة " فعندمــا تمــس عملية التحول الأبعاد الثلاث الســابقة، تصبح عملية أمــا عندما تقتصر عملية التحول فقط على البُعدين، الســلوكي والتنظيمي، دون البنية بمعنى أن التنظيم يبقى " براغماتية " المرجعية والأيديولوجية، فهي تُسمّى عملية تحول وفيّــا لأيديولوجيتــه وتصوراته ومواقفه التي بنى عليها تنظيمه في بداياته التأسيســية، بالرغم مما يبديه من تحولت على مســتوى الســلوك والتنظيم. بينما تســمى عملية حينما تمس فقط الجوانب المرجعية والفكرية والســلوكية، من " موضوعية " التحــول دون أن يشمل التحول الأساس التنظيمي للحركة؛ وهو ما يعني أن التحول لم يشمل جل أطر وقادة والحركة، التي يبقى جزء منها وفيّا لأيديولوجيته التقليدية، ومتمســكًا بمرجعيته التي تأسس عليها.
280
Made with FlippingBook Online newsletter