الأصول الاجتماعية والفكرية للحركة الإسلامية المغربية سيرورة…

لتنطلق بعدها مرحلة جديدة عنوانها التوطيد للسلطوية مع تأجيل المشروع الديمقراطي وبناء المؤسسات الدستورية إلى حين، فسلكت الملكية منحى بناء الدولة تحت تعددية سياســية شــكلية، مع جعل الهم التنموي هو المبنى والهدف بعيدًا عن أي تفكير في وهو الأمر " إحــ ل النظام الديمقراطي كما كانت تدعو إليه أحزاب المعارضة آنذاك، الذي تحول إلى مسلك وفلسفة للحكم، فصار المجال السياسي مغلقًا، وتمت مواجهة القوى المعارضة بآلية العنف المادي مما جعل الكثير منهم يغادرون البلاد، بعدما تم الحكم على أغلبهم بأحكام سجنية ثقيلة؛ الأمر الذي تسبّب في تأجيج وضعية الشارع المغربي في مرات عديدة، ليساهم هذا الوضع المتوتر في إحياء أشكال من الإحباط الجتماعــي، ورويدًا رويدًا يرى أولئك الذين يبحثون في القيم الدينية عن ملجأ أخير . ((( " لهويتهم . البديل الإسلامي: تهيكل المطلب الهوياتي 3 من الجلي أن الظروف التي ولدتها التحولت الجتماعية والقتصادية والسياسية خلال فترة الستعمار؛ واستمرارها خلال فترة الستقلال كانت ظروفًا ناضجة لظهور مطلب الهوية كمطلب يلتف حوله الفعل الجماعي لتعبيرات الحركات الإسلامية. وهو مطلب يرضي عواطف الجماهير ويعدها بخلاص روحي وبحلول شــاملة لمشكلات السياسة والقتصاد والمجتمع. وما يلفت النتباه في هذا الإطار، هو أن الحركات الإسلامية الناشئة عملت على صــوغ رمــوز جديدة وجملة من التصورات الخاصة بهــا، كما أنها عملت على تعبئة . ((( فئات متعددة وشــرائح اجتماعية مختلفة، بقصد القيام بتغيرات وتحولت مصيرية لهذا، ســعت الحركات الإســ مية المغربية مند نشأتها إلى استعادة الذات الإسلامية، والتي ترى أنها اغتربت واستُلبت وجرى طمس أصالتها وقيمتها، من قبل حالة التبعية التي خلّفها المســتعمر في مختلف مؤسسات الدولة بالمغرب من جهة، وفشل القوى اليسارية في الحفاظ على الأصالة المحلية من جهة ثانية.

. 83 ، مصدر سابق،ص صوت الجنوب فرانسوا بورغا، ((( . 22 ، مصدر سابق،ص علم الاجتماع الديني: المجال، المكاسب، التساؤلات عبد الباقي الهرماسي، (((

31

Made with FlippingBook Online newsletter