تلك التقاليد في أشــكال أكثر فعالية، وقد ينقســمون في أنفسهم إلى نصفين: يعيشون رُوحيّــا في الماضــي، وفيزيقيّا في الحاضر. وهناك آخرون قد يعبّرون عن تدينهم في نشاطات ذات منحى علماني. وقليلون هم الذين قد يعجزون عن ملاحظة أن عالمهم يتحرك أو قد ينهار. ، يجب القول بأن الحركة الإسلامية " غيرتز " لتبسيط منطلقات السؤال الذي طرحه في المغرب وليدة مرحلة انتقالية، أبرز تمظهراتها النتقال نحو التحديث القسري الذي دشــنته فترة الســتعمار أو ما سُمي بنظام الحماية، وفشل الدولة الوطنية في استكمال بناءاتها الحديثة. كما أن هذه المرحلة تميزت باحتضان مظاهر تفكك العلاقات التقليدية السابقة عن الرأسمالية، وما نجم عن ذلك من سيرورة اقتلاع قسري للمنتجين الصغار مــن الفلاحيــن وذوي الأملاك، خصوصًا في القرى والبوادي، وفصلهم عن وســائل إنتاجهم الخاصة وإجبارهم على بيع قوة عملهم. هــذا التحــول، ل يقف عند مجرد انتهاء شــكلٍ ما للملكية واســتبدال آخر به، ولكنــه يعني دمار علاقات اجتماعية قديمة محميــة بقوى اجتماعية ومادية من جهة، ومحروســة ببنى فكرية تضم مركّبًا من الأفكار والتقاليد والعادات والقيم...إلخ، إلى . ((( " جانب المؤسسات التي تتولى إنتاج وإعادة إنتاج هذه البنى الفكرية " وبالإضافة إلى مظاهر المرحلة النتقالية المذكورة، فقد شكّل الغزو الثقافي التحدي التوترات " الرئيس للحركات الإســ مية على تنوعها، وهذا التحدي وجد تعبيراته في التي نجمت عن إصرار النخب الحاكمة على استخدام اللغة الفرنسية وتهميش الدولة . ((( " للمؤسســات التعليمية الدينية، الموروثة من النظام الإســ مي ما قبل الســتعمار لهذا، شكّلت الهوية الإسلامية مرجعية أساسية لهذه الحركات، ووسيلة روحية كملاذ من الشعور بالغتراب، ومذهبية للاحتجاج ضد الظلم الجتماعي والسياسي تقوم على التغيير الثوري، لإقامة المجتمع السياسي القائم على النظام الإسلامي...ومن الواضح أن الأيديولوجية الحركية الإســ مية قد نجحت في أن توفر إحساسًــا عميقًا بالنتماء والأخوة لملايين المسلمين الذين يعانون الغربة والحرمان. والواقع أن رسالة الإسلام الروحية قد احتفظت بقوتها وملاءمتها للحياة الحديثة اجتماعيّا وأخلاقيّا. ول يقل هذا ، " حول الحركات الإسلامية المعاصرة: نماذج من بلدان عربية وإيران وباكستان " فالح عبد الجبار، ((( . 75 )،ص 1989 ، خريف 8 ، (عدد مجلة الفكر الديمقراطي . 57 ، مصدر سابق،ص الإسلام السياسي زمن القاعدة فرانسوا بورغا، (((
36
Made with FlippingBook Online newsletter