الأصول الاجتماعية والفكرية للحركة الإسلامية المغربية سيرورة…

من دون أن تعمل على إعادة الأراضي المسترجعة لأصحابها الأصليين، الذين تحولوا في فترة وجيزة من مزارعين بلا أرض إلى مهاجرين إلى المدن يشتغلون في قطاعات أخرى غير الزراعة حاملين معهم ثقافتهم التقليدية التي اكتســبوها من بيئتهم البدوية، ليصطدموا في المدن بواقع تهيمن عليه الهياكل الحديثة في الإدارة والقتصاد والعمل والخدمات...إلــخ، إضافــة إلى هيمنة نمط الحياة الحديــث القائم على قيم الفردانية واقتصاد السوق والمبادرة الفردية. هكذا، ظهر إلى الوجود، أول مرة، ســؤال الهوية كظاهرة حديثة مرتبطة أساسًــا بهــذا التحــول العميق في منظومة القيم التي تحكم المجتمــع مع التحول الكبير في . وقد كان أهم تمظهرات بروز ((( البنيات القتصادية والجتماعية والسياســية والثقافية ســؤال الهوية نشأة الحركات الإســ مية، التي اعتُبرت الحاضنة للباحثين عن هويتهم وثقافتهم الأصلية، عبر تأطير وتعبئة شعارات من رحم انتظارات وتطلعات هذه الفئات المقتلعة من أصولها الجتماعية. ب. الحركة الإسلامية المغربية كحركة طبقة وسطى تؤكــد الأرقــام الإحصائية والمعطيــات الخاصة بالأصول الجتماعية لنشــطاء الحركة الإســ مية خلال عقد السبعينات، أننا أمام ناشئة شابة تتشكل أغلبيتها من فئة المعلمين والأســاتذة، فحركة الشبيبة الإسلامية كأول تعبير حركي إسلامي هي حركة رجال التعليم، أي حركة ما كان يُصنّف آنذاك بالطبقة المتوسطة. هذه الحركة التي نشأت في كنف منظومة التعليم الوطنية، وهي خريجة الجامعات والمــدارس المغربيــة، وقد صــادف تخرجها الخصاص المهول الــذي عانته الإدارة المغربية، بعد أن تحصّل المغرب على اســتقلاله، خصوصًا في ســلك التعليم الذي شــكّل الحاضنة الرئيســة لهذه الفئة الجتماعية الصاعدة من رحم المجتمع التقليدي والذي كان حتى وقت قريب، يُســيّر بأطر تعليمية منحدرة من أصول فرنســية تماشيًا مع السياسة الستعمارية الثقافية، القائمة على استبدال ثقافة تمتح وجودها من الثقافة الغربية بالتمثّلات والثقافة المحلية التقليدية. كان معظم الذين ولجوا سلك الوظيفة العمومية في هذه الفترة من أبناء الفئات . 422 ، مصدر سابق،ص الإسلام السياسي ومأزق الحداثة محمد الكوخي وابراهيم أمهال، (((

47

Made with FlippingBook Online newsletter