الطرق الصوفية في غرب إفريقيا السياقات الاجتماعية والأدوار …

. وعليه، لا يمكن ( (( قريب لا يتصور إمكان وجود مسلم غير منتم إلى طريقة صوفية دراســة قضايا الشــعب بعيدًا عن هذا المعطى الذي يغطي ســاحة الحياة، كما أن شــخصيات صوفية وطنية أدت دورًا كبيرًا في نشر التصوف بالبلاد المجاورة، وهو ما يظهر عند بعض العائلات من أواصر القرابة. وقد تشــكّلت نواة الاقتصاد الصوفي منذ عهد الاســتعمار بامتلاك المشايخ وأعوانهم للأراضي الزراعية الشاســعة، أما مع الاســتقلال وانتقال زمام الأمور إلى أبناء الوطن فلم يكن بدٌ من التكيف مع الوضع الراهن، بظهور ميلاد اقتصاد جديد، فهو وإن تغير شكليّا لكن بقي في جوهره محكومًا من الدولة المستعمرة التي تمسك بشريان الاقتصاد. وبعض المناطق لا تزال البنية الاقتصادية على طبيعتها التقليدية لم يحدث فيها أي تغيير، وتعتمد أساسًــا على الزراعة والرعي وأساليب الحياة القديمة، خصوصًا في القرى النائية والأماكن المعزولة، وهو ما يُدخل جُلّ قطاعات الاقتصاد الوطني في دائرة الاقتصاد غير المهيكل المطبوع بالطابع التقليدي، وتلك صعوبات لا يمكن تجاهلها من أي مستثمر. وتعتبر الحواضر التي يقطنها مشايخ الطرق في الغالب محاور اقتصادية فاعلة في وسطها الاجتماعي كما في بعض العواصم الرّوحية مثل: طوبى، كاولاك، بال، وغيرهــا، إلا أن نصيــب طوبى كان أوفر من غيره، وأســواقها ومحلاتها التجارية ناطقة بذلك؛ استجابة لمتطلبات الروح وحاجيات الجسد، وهنا تبرز أهمية العاصمة الروحية للمريدية ومثيلاتها اقتصاديّا. فيما أخّرت الخلافات داخل الأســر الدينية من جهة والأحزاب السياســية من جهة أخرى، مع قرب ميلاد الدولة وبُعيْدها، انطلاقَ المشروع الاقتصادي إلى حين ، (منشورات معهد الدراسات التصوف والطرق الصوفية في السنغال امباكي، خديم محمد سعيد، ( (( . 177 ،ص 1 م)، ط 2002 )، مطبعة كوثر، الرباط، 14 الإفريقية، سلسلة بحوث (

107

Made with FlippingBook Online newsletter