الطرق الصوفية في غرب إفريقيا السياقات الاجتماعية والأدوار …

خاتمة ينتشــر التصوف فــي ربوع منطقة الســاحل والصحراء ويحظــى بقبول كبير بين ســكانها، لكن الأوضاع المزرية التي عاشــتها وتعيشها المنطقة منذ استقلالها وعلاقتها بشــركائها الدوليين ذوي المرجعية الرأسمالية الليبرالية إضافة إلى الواقع الأمني المتردي وعدم الاســتقرار ليجعل من الطرق الصوفية مطوقة بتقاليدها التي استنفدها الزمن ومأسورة بمناهجها التي لا تنسجم وروح العصر، وتقف عاجزة عن تقديم بديل ينبني عليه عقد اجتماعي جديد قادر على النهوض بأعباء الحياة المعقدة ما لم تتدارك نَفْسها بنَفَس تجديدي يجمع بين الأصالة والمعاصرة. ويمتد ذلك ليشمل النهوض بإصلاح اقتصادي جذري من حيث القيم والأطر والمؤسســات وإيجاد بيئة قابلة للاستثمار وجذب رجال الأعمال لتجاوز الأعطاب الموروثة منذ عقود، ومن المرتقب من أية قوة مهما كان نوعها ومصدرها أن تسهم في تعزيز الوحدة الوطنية والسلْم الاجتماعي والتحرر من كل القيود وتحقيق العدالة والكرامة الإنسانية للمواطن السنغالي. وعليــه، فــإن الزوايا مدعوة اليوم أكثر مــن أي وقت مضى إلى تفعيل القيم الصوفية الاقتصادية في الفضاء العام لإعادة ترشــيد الشــأن العمومي تقليصًا لدائرة الفســاد، العائق الأكبر للتنمية، والنهضة من محاسبة النفس والزهد في متاع الحياة الدنيــا والحرص على الكســب الحلال والتعفف والاقتصــاد في النفقات وتجنب الإسراف والتبذير والاعتماد على الذات والتنديد بأكل المال العام وبيان خطورته. والســير في التحذير من الرشوة والفســاد والكسب غير المشروع، ومعالجة هذه الأمراض المســتعصية كفيلان ببعث نهضة تنموية، وتلك دعامة أساســية في طريق الإصلاح الاقتصادي ببلد غالبية سكانه من الصوفية وللمشايخ كلمة مسموعة وأوامر مطاعة.

126

Made with FlippingBook Online newsletter