الطرق الصوفية في غرب إفريقيا السياقات الاجتماعية والأدوار …

الإذاعات الريفية تمتص حدة التوترات المذهبية يبقى جرح مدينة تنبكتو شــاهدا على تجاوز المشــاحنات الفكرية بين السلفية والصوفية إلى المواجهات المســلحة، وفي الآن ذاته تكشــف الأحداث كما جرت عن مآلات تيارات الفكر الإســ مي في إفريقيا بشــقيها؛ النقلي والعقلي، الظاهري والباطني، التصوف الطُرقي ونماذج السلفيـة الجهادية وهو ما تبدى في لجوء الأخيرة إلى هتك حرمات مشــايخ الصوفية والهجوم على الأضرحة وتكسيـــر باب جامع سيدي يحيى الكائن بالجزء الجنوبي من مدينة تنبكتو الأثريـة، كما تناقلت وكالات الأنبــاء مشاهـــد التنْبكْتِيِينَ وهم في لحظة انهيار وأســى علــى خلفية هدم أضرحة ومزارات المنطقة التي يغلب عليها الانتماء للطريقة القادرية. " الأولياء الصالحين " ضمن هذا الســياق المتشــابك عقديا والمتأزم إثنيا وقبليا ركـــزت محطات الراديــو التي ســبق إســكاتها من قبــل حركة أنصــار الدين الجهادية الموســومة بالإرهاب على البرامج الحوارية بهدف امتصاص حـدة التوتر المجتمعي والطائفي التي تلاقي دعـــم زعماء الطرق الصوفية " الأمن الثقافي " وعلى ترويـــج مـقاربـــة الموالين لحكومة باماكو المركـــزية حيث وجـــد الطرفـان أن الكلام المنقول عبر الإعلام المســموع يتيح مُميزات حيوية وبقرب المحتوى من متناول جميع الفئات والطبقــات الاجتماعية، في هــذه الأثناء غدت الإذاعــات المحلية ذات الترددات القصيرة والمتوسطة بمثابة مشاريع رائدة لمواجهة حمـلات التـأجيج العـرقي التي ) وإذاعـــة Radio Bouctou لا ينقطـــع ضجيجها. وذلك على غرار إذاعـــة بوكْتو ( ) إلى جانب مساهمة إذاعـــة الوحدة الحموية التجانية أف أم Radio Lafia العَافية ( ) المقربـة من الزاوية الحموية بحـاضرة Radio Unité Hamahouya Tidjaniya Fm ( انيور الساحل وكل هذه الوسائل المسموعة تتخـذ من قـادة الرأي (زعماء الطريقة التجانية الحموية، والوجهاء والسياســيين..) كل منهم في الإطار الذي ينشط فيـــه وسيلة للتأثير في المستمعين الذين يغلب عليهم عموما، الطابع الريفي. مثلت حاضـرة انيور الساحل أحد أهم مواطن الالتقاء بين أتباع الصوفية في كلٍ من موريتانيا ومالي وذلك نظـرا لإرثها الحضاري المرتبط بنشأة الزاوية الحموية

145

Made with FlippingBook Online newsletter