نحو المدينة الفاضلة بديهي أن التصوف في الأصل هو نشدان للكمال وسعي إلى الترقي في مدارج الصلاح الديني والدنيوي، وفي هذا السياق أخذت التعاليم الصوفية ووصايا المشايخ الطرقيين في الغرب الإفريقي جانب العلاقة مع الآخر، باهتمام كبير وذلك في سعي لإقامة المدينة الفاضلة، وهو مطلب عزيز المنال في حياة البشــر التي لم تخل في أي وقت من الأوقات من اشتباك الأمراض التي يحاربها التصوف. ويلاحظ الباحث السنغالي سام بوسو امباكي أن موضوع المدينة الفاضلة كان حاضرا بقوة عند الشــيخ أحمد بمبا مؤســس الطريقة المريدية، الذي أراد لمدينته طوبى أن تجمع: من صفاء روحي وبعد عن اللغو والعبث وحماس في قيم الدين الإســ مي: الذب عن السنة ومواجهة البدع. وذلك عبر أسماء القرى التي حملت على ارتباط الأســماء بالمدلول القيمي: سبيل المثال دار السلام، دار المنن، دار العليم الخبير، البقعة المباركة، طوبى الخ.. حيث جعل الشــيخ أحمدو بمبا من المســجد قلب مدنه مركزية المســجد: الفاضلة التي عمل على أساســها، وحوالي المســجد تتناثر المســاكن والمحاضن والمدارس، ولا يخفى لما للمسجد من مركزية في التصور الإسلامي، ولما له من قيم روحية لدى الصوفية باعتبارها محل الرباط والتربية والمجاهدة. للمساكن والقطاعات السكانية، حيث توجد قطاعات خاصة التوزيع الوظيفي: بالطــ ب، وأخــرى خاصة بكتاب المصاحف ونســاخ الكتب وأخــرى بالمهنيين العاملين في خدمة الطريقة وشيخها، مما يضفي بعدا عمليا مستمرا على المدينة. من خلال تحويل الطلاب والمريدين إلى وظائف تناسب كسر حاجز الطبقية: قدراتهــم البدنيــة والذهنية وليس طبقاتهم الاجتماعية، فيعمل بعض أبناء الزعامات
162
Made with FlippingBook Online newsletter