الطرق الصوفية في غرب إفريقيا السياقات الاجتماعية والأدوار …

في هذا السياق الجديد من انعدام الثقة في المؤسسة السياسية، يأخذ النموذج الروحانــي الأثيــري لحظة تأملية ترتكز على الاهتمام المــادي بإدارة المدينة، وقد مشبوهة من الآن فصاعدًا في عيون أكابر " الزمني " و " الديني " أصبحت أي علاقة بين الشيوخ. ومع ذلك، وبعد اجتياز مرحلة نشوة الانعزال والتعبد في الغابات وانتهاء العزلــة التأملية والحضارية في الكهوف البرية، اضطر العديد من شــيوخ الصوفية، بطريقة ما، إلى إعادة اكتشاف حقائق المدينة البشرية، وذلك من أجل مقايضة لبسة التي يرتديها الدراويش بالمعاطف الاجتماعية الرقيقة، حتى ( (( المتقشــفة " الصوف " يتسنى للشيخ الصوفي، وبشكل أفضل، تربية النفوس الضالة والمتعطشة، أي نفوس شعب مُسلم تسلّم نفسها للشيخ. إن المعطيــات الاجتماعية الجديدة المتعلقــة بالطوائف الكبيرة ذات الأتباع الكثيرين الذين من المفترض أن يكونوا قادة، ولديهم مصالح، سواء أكانت روحية أو مادية، صارت توجب المحافظة على هذه المصالح، وهو ما يعني أن على الطرق الصوفيــة أن تُجبر العديد من شــيوخها علــى أن يعيدوا النظر، في ظل عدم وجود توحد ممكن في مجال السياسة-المدينة-السلطة التي تعد أصً إسلاميّا، في فرص للتعاون مع السلطة الزمنية، وبدون هذا التعاون أدرك هؤلاء الأتباع استحالة تحقيق أهداف المدينة المثالية التي أسسها النبي صلّى الله عليه وسلّم. ومــع ذلك، ولتجنب الكثير من المخاطر والســلبيات والتي من بينها وقوف رجال الدين أمام أبواب الســ طين وإبرام علاقات مع من هم في الســلطة، ممن ، فإن علماء المسلمين " فاســدون ومفســدون " يوصفون في كثير من الأحيان بأنهم ذكروا نهيًا شديدًا للنبي صلّى الله عليه وسلّم عن التقرب من السلاطين، كما حذر منه الســلف الصالح، وذلك من خلال وضع سلســلة من القواعد الاحترازية التي كاملة للقلب من أي شاغل يشغل عن الله (حتى ولو وقعت بعض التجاوزات في التطبيق، = وهي تجاوزاتلا تقتصر على أتباع الطرق الصوفية بل توجد كذلك عند مناوئيهم). يذهب البعض إلى أن التصوف مأخوذ من لبس الصوف. ( ((

185

Made with FlippingBook Online newsletter