الطرق الصوفية في غرب إفريقيا السياقات الاجتماعية والأدوار …

وفي مالي تســود علاقة حسنة بين الطرق الصوفية والإسلاميين. وهي علاقة مؤسســية أقامها المجلس الإســ مي الأعلى الذي يرأسه محمد ديكو، وهو سلفي إصلاحي نجح في توحيد الســاحة الإســ مية تحت مظلة هذه المؤسسة التي تُعنى بكل الشؤون الدينية، ورئيسها برتبة وزير، وينوبه عثمان مدان حيدرة، زعيم طريقة أنصار الله الصوفية. وتُمثَل في المجلس الإســ مي بقيةُ التشــكيلات الإســ مية والطرق الصوفية (الحموية، والقادرية، والتجانية، وجماعة أنصار الله). لا خلاف في أن موضوع الطرق الصوفية بإفريقيا موضوع قديم ومتجدد، وأن في الفضاءين، غرب " صوفية " وجودها وتمددها ضارب في التاريخ. فقد نشأت دول الإفريقــي والمغاربي، مثل الدول التي أقامتهــا حضرات صوفية قادرية مثل الدولة السوكتية في نيجيريا على يد الشيخ عثمان بن فودي ودولة ماسنا شرق مالي التي أقام الشــيخ أحمد بن لبو، فضً عن الدولة التي أقامتها الطريقة التجانية في فوتا وأجزاء من غرب مالي في عهد الحاج عمر الفوتي. وكذلك المملكة السنوسية في ليبيا والتي كانت في جوهرها حركة صوفية. والواقع أن الطرق الصوفية بدأت مؤخرًا تعيد إنتاج نفسها في المشهد السياسي في القارة الإفريقية، خصوصًا في الســنغال ومالي ونيجيريا ودول المغرب العربي. فالصوفية في الســنوات الأخيرة لعبت دورًا حاســمًا في توجيه البوصلة السياســية بإفريقيا، وقد عملت الأنظمة على اســتغلالها في حل الكثير من العقد والتجاذبات السياسية المحلية كما أسلفنا. وتصبح الحال أكثر وضوحًا عند تجدد أي استحقاق انتخابي حيث يصبح لزعماء الطرق الصوفية الدور المؤثر والحاسم في رسم ملامح المشهد السياسي، والسنغال مثال واضح على ذلك. ويراهن العديد من دول غرب القارة وكذلك بعض الأحزاب السياسية في تلك الدول على تأييد زعماء الطرق الصوفية بالنظر إلى دورهم في المشــهد السياســي. وهــو موقــف تتبناه عــدة دول غربية ترى أن الطرق الصوفيــة قد تكون بديً عن الإســ م الجهادي والمتشدد. ويرافق هذا التوجه على مستوى صنّاع القرار اهتمام سياســي وأكاديمي غربي بالطرق الصوفيــة والتصوف، وقد صاحب ذلك الاهتمام

24

Made with FlippingBook Online newsletter