الطرق الصوفية في غرب إفريقيا السياقات الاجتماعية والأدوار …

وقد اضطرتهم ظروف البيئة إلى ذلك لأن الزراعة في السنغال تعتمد أساسيا على المطر الذي لا يســتمر نزوله أكثر من أربعة أشــهر في السنة فاهتموا بالزراعة المروية وطلبوا، فنالوا أراضي على ضفاف نهر الســنغال حيث ينكبون على إنتاج الأرز والخضراوات. وتلعب المواســم الدينية دورا تجاريــا ذا بال؛ إذ يجلب تجار المدن بضائع تشتد الحاجة إليها في الريف كالآلات الزراعية والمواد الغذائية والأواني والأقمشة والملابــس. الأمر الذي يجنب الريفيين عناء الســفر إلى المــدن الكبيرة بحثا عن تلك البضائع. وفي المقابل، يأتي الريفيون بمنتجاتهم من فواكه برية وزيوت وألبان ونباتات طبية وغيرها من مواد يندر وجودها في المدن ويغلو ثمنها فيها. أما نفقات الشــيوخ فتتفاوت حســب منزلتهم في الطريقة، والخليفة يعتبر في نظــر التابــع معينا لا ينضب، يلجأ إليه عند الضــرورة ليأخذ منه ما وضع عنده أو أكثر. ويفترض أن يقوم الخليفة، ومثله ســائر الشــيوخ، بتقديم معونات مالية لعدة شرائح اجتماعية منها: - الفقراء من أتباع الطريقة: إن من المنطقي أن يكون أول من يســتفيد من خيرات الطريقة رؤســاؤها وأقاربهم المحتاجون ثم سائر أفرادها. وتحيط بكل خليفة، أو تتردد عليه، مجموعة كبيرة من الفقراء لنيل صدقات منه. وهم عادة العجزة والمعاقون الذين قدّموا، أو قدّم آباؤهم، خدمات كبيرة للطريقة. - الفقراء من غير الطريقة: يعتبر الفقر عاملا حاسما من عوامل التقارب بين الفئــات الدينية المختلفة، إذ يزيل الحــدود المفتعلة ويحمل الفقير على التوجه إلى كل شــخص يرجو فيه الخير. والفقراء يعتقدون أن الشيخ هو الملجأ الأول لطالب المســاعدة. ويهب الشــيخ إلى إغاثة الفقير دون قيد ولا شرط عملا بواجبه الديني.

42

Made with FlippingBook Online newsletter