الطرق الصوفية في غرب إفريقيا السياقات الاجتماعية والأدوار …

اشگاگ الحرب بين أتباع الطريقة الحموية ومنافسيهم أو حرب أم مع ما ذكرناه من الانتشــار الســريع للطريقة الحموية، ومن احتفاء العديد من النخبة بها ومبايعتهم لها، إلا أن الحموية لم تسلم من النقد، فقد كانت هناك زعامات دينية تعارضها وترى في نهجها أنه نهج مبتدع وخارج عن تعاليم الدين الإسلامي. ومن أبرز هذه الزعامات الفقيه الموريتاني الشيخ إِفّاهْ ولد الشيخ المهدي الذي قاد حراكا دينيا مناهضا للحموية، وقام هو وأتباعه بمساجلات فقهية مع أنصار الحموية. تطورت هذه المساجلات إلى حَدّ التكفير المتبادل بين الطائفتين لبعضهما البعض، وتمت صياغة بعض هذه المســاجلات والردود المتبادلة في مقطوعات ساخرة من الأدب الشعبي الموريتاني. ولم يكن الأمر ليقف عند هذا الحد، بل سرعان ما تطورت هذه التجاذبات م 1938 والخلافات المذهبية الحادة بين الفريقين إلى احتكاكات كانت بدايتها سنة بســبب شجار بســيط وقع بين أحد أنصار الحموية يدعى ببالي بن مولاي إدريس ورجــل مــن أنصار إِفّاهْ ولد الشــيخ المهدي عند بئر قرية آكواوين. هذا الشــجار البســيط ســرعان ما تحول إلى نزاع بين الطرفين تم فيه اعتقال ببالي ولد مولاي إدريس والابن الأكبر للشيخ حماه الله (باب) ومصادرة ما كان بحوزتهما من جمال وممتلكات، وفرار رفاقهما. ورغم أن الشيخ حماه الله عندما علم بالخبر تأسف له كثيرا، وأَنّبَ ابنه باب وحــذره مــن مثل هذه الاحتكاكات، إلا أن بــاب الذي يرى أنه أهينت كرامته كان يضمر في نفسه الانتقام. كان الشيخ حماه الله ضد العنف لأنه يدرك أن المستفيد الوحيد منه هو إدارة المســتعمر الفرنســي. وقد مثلت حادثة آكواوين الشرارة التي فجرت الصراع والعداء بين أتباع الحموية وأتباع إِفّاهْ، هذا الصراع الذي نتجت عنه حرب اشگاگ الشهيرة. ومع أن الروايات الشعبية تبالغ كثيرا في وصف هذه الحرب ونتائجها، إلا أن هذه الحرب مثلت حدثا بارزا في تاريخ المنطقة؛ كانت له تأثيراته الكبيرة على العلاقات الاجتماعية بين بعض القبائل الموريتانية. تقول الرواية إن باب ولد حماه الله -الذي كان يشعر بأنه أهينت كرامته في حادثة آكواوين- انطلق في جمع من أنصار الطريقة الحموية في حدود ألف رجل

56

Made with FlippingBook Online newsletter