الطرق الصوفية في غرب إفريقيا السياقات الاجتماعية والأدوار …

رابعا: الحموية والسياسة شهدت الحموية بعد نفي زعيمها المؤسس الشيخ حماه الله والتنكيل بأتباعه فترة انقطاع دامت أكثر من عقدين من الزمن. وقد عرفتْ هذه الفترة -وخصوصا في العقد الأول منها- عمليات عسكريةً مسلحة ضد الفرنسيين قام بها بعض أتباع الحموية في ساحل العاج وفي موريتانيا. وكان من أشهر الزعماء الذين قادوا هذه التحركات يعقوب ســيلا المقدم الحموي العاجي الذي أصبح فيما بعد له طريقة تنسب إليه تدعى اليعقوبية. وإذا كانت الحموية قد عرفت سباتا بعد نفي مؤسسها في العهد الاستعماري فإنها عادت اليوم إلى قلب النشاط الديني والسياسي. ويتمتع زعيمهــا الحالــي بنفوذ كبير في كافة أرجاء مالي لاســيما في مدينته انيور وخاي وسيجو وباماكو. سنوات 3 م أي قبل 1938 لقد تمكّن محمدّ ولد الشيخ حماه الله (ولد سنة من نفي والده) في ســبعينيات القرن الماضي من إعادة تأســيس هذه الطريقة من جديد وجمع أتباعها حوله، ونشــرها بشــكل واســع، وذلك بفضل حنكته وسمعة والده، بالإضافة إلى زيجاته المتعددة التي أدخلت إلى الطريقة عشــرات العائلات . وبهذا أصبح هو ثاني زعيم لهــذه الطريقة. وتحولت ( (( أو حتــى قبائل بأجمعهــا الطريقة الحموية على يديه من طريقة صوفية مقاومة للمســتعمر إلى طريقة صوفية لها تأثيرها الكبير وحضورها الطاغي في المشهد السياسي في جمهورية مالي، وفي الجمهورية الإســ مية الموريتانية بنسبة أخف. حيث يعتبر موقف ولد الشيخ حماه الله في مدينة كوبني الموريتانية وما جاورها حاسما في أي تحالف سياسي. ولهذا دأب النظام الموريتاني على خطب وِدّه من أجل الحصول على دعمه السياســي. وقد التقى الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز بولد الشــيخ حماه الله ثلاث مرات وطلب منه الدعم. كانت أولى هذه اللقاءات بعد الحصار الداخلي (1) BOLY, Hamadou, Le soufisme au Mali du 19eme siècle à nos jours , UNIVERSITÉ DE STRASBOURG, THÈSE soutenue le 24 juin 2013 p. 197

61

Made with FlippingBook Online newsletter