2020 عام الأزمات

الاتصــالات، وخاصــة برمجيات التواصل عن بعد. من ناحية أخرى، عززت الجائحة الاعتمــاد أكثــر علــى التكنولوجيا التي قدمــت خلال هذه الأزمة حلــوً لكثير من المشــكلات وحدّت نســبيّا من حجم الأضرار على المستويين الصحي والاقتصادي. وسرّعت من وتيرة الانتقال إلى البدائل الافتراضية في عدة مجالات من بينها التجارة والاقتصاد والتعليم والعمل. إذا كانت حصيلة الأضرار التي سببتها الجائحة على الصعيد الاقتصادي مرتفعة كانت أيضًا تداعياتها على العلاقات الدولية جدّا على المستويين العالمي والوطني، فإن مؤثرة. فقد دفع الانتشــار الســريع للوباء مختلف الدول إلى الانكفاء داخل حدودها وأجبرها على إعادة ترتيب أولوياتها باتجاه الداخل والتركيز على تعبئة الموارد الذاتية. بدا ذلك الاتجاه العام للكثيرين كما لو أنه موجة ارتدادية تسير عكس حركة العولمة، فعــاد النقاش، الذي خفت طوي ً، حول طبيعــة العولمة وجدواها وحدودها وقدرتها علــى مواصلة التقدم على مســاراتها المتعددة. من ناحيــة أخرى، أظهرت المنظمات الدولية والإقليمية عجزًا كبيرًا عن الاستجابة لمقتضيات أزمة كورونا ولم تتحرك آلياتها لمساعدة الدول الأعضاء. فتهاوت شعارات التعاون الدولي والتضامن العالمي والعمل المشــترك، وفشــلت إلى حد كبير أغلب استراتيجيات التنسيق والتحرك الجماعي في مكافحــة التهديدات والأخطــار ذات الطبيعة العالمية. وقد بــرز هذا العجز أكثر في المجال الأوروبي حين كانت إيطاليا تستصرخ أشقاءها في الاتحاد، فأدار الجميع لها ظهورهم وغرقت كل دولة في معالجة شؤونها الخاصة. أما المنظمات الإقليمية العربية فهي تعيش حالة من الشــلل ســابقة على الجائحة ولم يكن أحد يتوقع منها أن تلعب دورًا تضامنيّا ولو في حده الأدنى. مقابل هذه التداعيات الســلبية، استطاع العالم أن يسجّل، في وقت قياسي وقبل انقضاء العام الجاري، إنجازًا علميّا مشــهودًا ســيكون له أثره الفعّال على مستقبل هذا الوباء. فقد تمكنت مخابر البحث العلمي وتطوير الأدوية واللقاحات في كل من ألمانيا والولايات المتحدة وبريطانيا وروســيا والصين من إنتاج تطعيمات مضادة للفيروس، وبــدأت عمليــات التلقيح في عدد من دول العالــم. فكيف تبدو ملامح العام الجديد فيما يتعلق بأزمة كورونا؟

14

Made with FlippingBook Online newsletter