يقع في مركزها نزاع أنقرة وطرابلس من جهة مع باريس وأبوظبي من جهة أخرى على مستقبل ليبيا والنفوذ في منطقة شرق المتوسط. يمكن أيضًا النظر إلى النزاع من حيث المضمون من خلال دوائر ثلاثة متناضدة: دائرة النزاع على تقاسم احتياطيات الطاقة، تعلوها دائرة ترسيم الحدود البحرية، تعلوها دائرة النفوذ في ليبيا وشرق المتوسط. ، أعلنت قبرص اليونانية اكتشــاف حقل غاز أفروديت مقابل ســاحلها 2011 في الجنوبي، وســارعت إلى عقد اتفاقيات مع جوارها المتوسطي لترسيم حدود منطقتها الاقتصادية في البحر، مفترضة أنها تمثّل الجزيرة برمتها ومتجاهلة حقوق قبرص التركية. ، 2007 ، ومع لبنان، في 2003 عقدت قبرص اتفاقية ترسيم حدود بحرية مع مصر، في . رفضت تركيا ادعاء نيقوسيا بتمثيل الجزيرة، وأكدت عزمها 2011 ومع إسرائيل، في حماية حقوق شــمال قبرص التركية. كما أكدت تركيا، في اتســاق مع موقفها في بحر إيجة، رفضها الاعتراف للجزر اليونانية في المتوســط، مثل: كريت ورودس وماييس، بحق التمتع بحدود اقتصادية مثل تلك التي تتمتع بها أرض الدولة الرئيسية. ، توصلت أنقرة لاتفاقية ترسيم المنطقة البحرية 2019 في نوفمبر/تشــرين الثاني الاقتصادية مع حكومة طرابلس الليبية، التي كشفت عن تصور طموح بالفعل للحدود البحرية الاقتصادية لتركيا، ولجمهورية شمال قبرص. لا يؤسّس الاتفاق لحدود بحرية اقتصادية منفصلة لجمهورية قبرص التركية وحســب، بل ويضع قطاعًا ملموسًــا من المنطقــة الفاصلــة بين جزيرتي كريت وقبرص ضمن منطقة تركيا الاقتصادية البحرية. إضافة إلى ذلك، يرســم الاتفاق حدودًا طولية شــرق المتوسط للمنطقة التركية، تمنع التواصل كلية بين منطقتي إسرائيل وقبرص اليونانية الاقتصاديتين. أثــار الاتفــاق التركي-الليبي ردود فعــل غاضبة من اليونان وقبــرص اليونانية ومصــر، التي اعتبرت الاتفاق غير قانوني. خلال الأســابيع التالية، تحركت أثينا نحو اللواء المتقاعد خليفة حفتر، آملة أن تؤدي ســيطرته على طرابلس إلى إلغاء الاتفاق؛ وطلبت من القاهرة الإســراع في المفاوضات الجارية بينهما منذ سنوات لتوقيع اتفاق ترســيم ثنائي على غرار الاتفاق المصري-القبرصي. كما طالبت أثينا إســرائيل بدعم الموقــف اليوناني المناهض للاتفاق التركي-الليبي، بالرغم من أن الاتفاق لم يتجاوز الخط الإســرائيلي للحــدود الاقتصادية. لقد كان الاتفــاق التركي-الليبي، باختصار، مناســبة لرســم خارطة تحالفات جديدة في شرق المتوسط، وليس فقط الصراع على الحدود البحرية الاقتصادية.
42
Made with FlippingBook Online newsletter