النخبة السياســية الموريتانية التي عاصرت حصول البلاد على اســتقلالها من فرنســا، ، فقد عبّر عنه المختار ولد داداه، أول رئيس لموريتانيا في خطابه الشــهير 1960 ســنة في مدينة أطار بشــمال موريتانيا. وعلى هذا الأســاس، انخرطت موريتانيا في قضية الصحــراء مــن البوابة الاجتماعية والامتدادات القبلية المتداخلة بين شــمال موريتانيا ومنطقــة الصحراء. وقد كانت العلاقــات وثيقة الصلة بين نظام ولد داداه وبين القادة المؤسســين لجبهة البوليســاريو التي تأسســت كما هو معلوم بمدينة الزويرات شمال . 1973 مايو/أيار 10 موريتانيا، في وهنــاك بُعد آخر حاضر عنــد الموريتانيين كما عند الجزائريين وهو أن المغرب دولة ذات تقاليد راسخة في الحكم، ولها نزعة توسعية ورثتها من تلك الإمبراطوريات التــي تعاقبــت على الحكم على مرّ العصور، وهذا مهم لفهم مواقف الرئيس، هواري بومديــن، مــن المغرب وكذلك مواقف الرئيس، ولد داداه، منه رغم أنه في مرحلةٍ ما تحالف مع الملك الحســن الثاني، ونسّقا موقفيهما من حرب الصحراء، فالمغرب لم على هامش مؤتمر القمة الإسلامي المنظّم بالمغرب، 1969 يعترف بموريتانيا إلا سنة وكان ملف الصحراء حاضرًا حينها في ذلك الاعتراف. كانــت موريتانيا هي الخاصرة الرخوة في الصراع، حســب العديد من التقارير، فركزت جبهة البوليساريو ومن ورائها الجزائر على المحور الموريتاني مكثفة هجماتها عليهــا حتــى تضمن إنهاكها ومن ثم إخراجها من الحرب، وهو ما تم بالفعل حين تم ، بدعم جزائري، ووقّعت 1978 يوليو/تموز 10 الانقلاب على الرئيس ولد داداه، في اللجنة العســكرية الحاكمة، في أغســطس/آب، اتفاقية الجزائر مع جبهة البوليســاريو والتي تخرج بموجبها موريتانيا من منطقة وادي الذهب، وتعتمد الحياد الإيجابي بين الطرفين. غير أن المغرب سارع بعد خروج الجيش الموريتاني إلى ضم وادي الذهب جامعًا بينه وبين الساقية الحمراء تحت سيادة الرباط. وقد ظلت الأنظمة في نواكشــوط تقترب وتبتعد من أحد طرفي محور الرباط- الجزائــر دون أن يؤثّــر ذلك على ما تعتبره نواكشــوط حيــادًا إيجابيّا من الصراع في الصحراء، أي حيادًا بعيدًا عن التفرج بل موقفًا يسعى لخلق بيئة مناسبة للتفاوض بين المغرب وبين البوليســاريو والتماهي مع توجه الأمم المتحدة فيما يتعلق بالبحث عن حلــول للصراع، ويلقى هذا الموقف القائم على الحياد الإيجابي في موريتانيا إجماعًا داخليّا بين مختلف اللاعبين السياسيين، سواء في النظام أو في المعارضة.
59
Made with FlippingBook Online newsletter