العدد 15 – أغسطس آب 2022

121 |

مقدمة لم يتشكَّل االتصال علمًا قائمًا بذاته إال بعد عدة مراحل معرفية جعلته محل اهتمام علــوم كثيرة، مثل الفلســفة، والتاريخ، واالقتصاد، وعلم النفــس، وعلم االجتماع، واألنثروبولوجيا، وعلم السياســة، وعلم األحياء، وصو ًل إلى التحكم اآللي والعلوم على تطور 1963 ) في العام Wilbur Schramm اإلدراكيــة. وقــد علَّق ولبر شــرام ( إن االتصال ليس اختصاصًا أكاديميًّا؛ على النمط الذي هو عليه " علم االتصال بقوله: علــم الفيزيــاء أو االقتصاد، لكنه اختصاص على مفترق طرق يمر العديد منه، ولكن ). وهو تعليق يستند إلى متغيرات البحث العلمي، فحتى 1 ( " القليل فقط يتوقف عنده ستينات القرن الماضي، كان المهتمون بموضوع االتصال هم علماء النفس، وعلماء االجتماع، وعلماء الرياضيات، أو مختصون في علم السياسة عمدوا إلى اختبار جزء من نظرياتهم في ميدان االتصال. وإذا كان مفهوم االتصال يطرح إشكاليات كثيرة على الباحث في تداخله مع عدد من العلوم، فإن نظريات االتصال كمحور بحثي ليســت أقل إشكالية منه وأنتجت الكثير مــن التعارضات بيــن الباحثين في الحقل االتصالي، منها ما يتعلق بالوضع المعرفي ومنهــا ما يتعلق بتعريفها أساسًــا. فتاريخ نظريــات االتصال هو تاريخ تقاطعات بين المادي وغير المادي، بين الدراسات الشاملة والمحدودة، بين الفرد والمجتمع، بين النســق االجتماعي والفاعل االجتماعي، وشــكَّلت هذه المعطيات فوارق في الرؤى كانــت الزمــة تاريخية لهذا العلم نشــأت على إثرها مدارس وتيــارات واتجاهات ). ويركــز المهتمــون والباحثون في هذا الصدد على مدرســتين كبيرتين 2 مختلفــة( لالتصال، هما: المدرســة الوظيفية والمدرسة النقدية، وقد تميزت المدرسة الوظيفية بالمنهــج والوظائف وبالوضعية، ثم تفرعت إلــى مداخل مختلفة تبعًا لتركيز اهتمام الباحثين شــملت: اآلثار واالستعماالت والمحتوى. ويُدافع أتباع المدرسة الوظيفية عن الموضوعية ويرفضون البحث النظري المجرد الخالي من المعطيات الموضوعية، وعمومًا فإن هذه المدرسة تدرس العالقة بين األفراد ووسائل االتصال، وهي تصور المجتمع باعتباره مجموعة أجزاء مترابطة فيما بينها، وأن وسائل االتصال جزء منها؛ تُسهم بجانب األجزاء األخرى في تلبية حاجات المجتمع الخاصة، وفي أداء مجموعة

Made with FlippingBook Online newsletter