| 28
هو الحرص على تكوين المهارات الكفيلة بتقديم الســلفية في حلل جديدة تناســب التصورات والذهنيات الجديدة. والحقيقــة أن الدعــوات الجديدة نحو اعتماد المرونة فــي الحكم والتقييم الصادرة من الســلفيين ال تعدو أن تكون تصويبًا لهذا التصلب وليس انتقاصًا من حدَّته، إنها إعادة توجيه له، وفيما عدا ذلك يبقى التصلب ســمة مميزة لخطاب الناطقين باســم هذا التوجه الديني. فهو إذن كامن على المســتوى النظري ومختلف في وروده في مجال الممارسة حسب نوع النشاط الذي يستغرق كل تنظيم سلفي، فإذا كانت درجة التصلب قليلة عند التيارات المشــتغلة في مجال التعليم الديني، فإنه بارز عند تلك الناقدة للممارسة الدينية والهادفة إلى إصالحها بما يوافق المذهب السلفي. وبهذا يمكننا القول: إن التراث السلفي ال يحتفظ بالكثير من األفكار التي يمكن أن تســتند إليها النزعات المتســامحة الجديدة. ولذلك تقتصر عمليات النقد والمراجعة على مالمسة سطح الخطاب من دون المساس بأصول المعتقد وجوهر الفكر، والتي ال تهدف في نهاية المطاف سوى ضمان ديمومة المعتقد، وفتح منافذ أمام االنسدادات التي وصل إليها الخطاب. وعالوة على هذا االعتقاد الجديد، خفَّفت السلفية من إطالقية التصنيفات السابقة؛ إذ لم يعد السلفيون منعزلين عن المجتمع. إن هذا السلوك، وإن كان خاصية للسلفية فيما فبراير/شباط أصبح ال يرجِّح هذا 20 مضى، فإن المناخ االجتماعي السائد بعد حراك النزوع؛ ذلك أن أشكال التحالف السياسي السائدة دفعت في اتجاه تكوين جمعيات مدنية وسياســية فاعلة ومســتفيدة من قاعدتها االجتماعية وذات قراءة مغايرة الواقع. في المحصلة، فإننا نلحظ تحو ًل للسلفية من نزعة دينية راديكالية إلى حركة اجتماعية تــروم إحداث تغييرات في العالقات االجتماعية والتوازنات السياســية بغية الحفاظ على نفسها في ظل ظروف عالمية ومحلية لم تكن في صالح السلفية بعدما اقتصرت في السابق على ترشيد التدين فكرًا وسلوكًا. ففيما قبل، اكتفت الســلفية بجعل جُل نشــاطها منحصرًا في حلقات التدريس ونشر وتأليف الكتب وغيرها من المناشط المليئة بالوعظ الديني، وظل اهتمامها هو هداية األفراد والعمل على اســتقامتهم وليس الفعل الجماعي الذي يتوخى أهدافًا دنيوية، وهو ما جعلها تزدري السياســة وتبعدها من اهتماماتها، مثلها في ذلك مثل العديد من الحركات الدينية التي ال تهدف إلى االســتيالء على الســلطة أو التحوير الثوري
Made with FlippingBook Online newsletter