العدد 15 – أغسطس آب 2022

75 |

وتنبع أهمية الدراســة من مســاراتها المتعددة، وتنطلق من صراعات فكرية واكبت النزاعات المســلحة والقطائع األيديولوجية والفكرية، إلى نصوص حقوقية وقانونية تسعى إلى حماية الحقوق، وما هو بديهي منها أو أكثر حساسية. كما تحاول الدراسة االقتراب من حرية المعتقد بين التعصب والتسامح، من خالل تناول حرية المعتقد في الفكر اإلنساني وداخل المجتمعات الراهنة عبر تناول اإلشكالية المتمثلة في العالقة بين المعرفة وارتفاع وعي اإلنسان بأهمية تلك الحقوق؛ فهل تكفي المعرفة لتحرير الوعي من التعصب الديني، وتحقيق حرية المعتقد في المجتمعات التي تنظم شؤونها القوانين ذات المرجعية الدينية؟ يتفرع عن هذه اإلشكالية المركزية عدد من األسئلة الفرعية، مثل: كيف تؤثر المعرفة علــى قبول حرية المعتقد داخل المجتمع؟ ما مصادر حرية المعتقد ومســاراتها في الثقافة العربية؟ هل الفرد مخير في مستوى الحرية التي ينالها؟ وهل الدولة مسؤولة عن وعيه، وبالتالي هي مصدر المعرفة ومصدر الحرية كذلك؟ هل يمكن حماية حرية المعتقد من العراقيل ذات الطبيعة الثقافية من خالل القوانين والتشــريعات أم تعتمد على تحرير الوعي عبر المنظومة التعليمية؟ من خالل اســتقراء مجموعة من التمثالت األولية نبني الفرضية الرئيســية، وهي أن الحق في حرية المعتقد مقدس ويجب عدم المساس به، فهو جزء من سمو اإلنسان كائنًا عاق ًل مسؤو ًل عن مصيره بشرط عدم اإلضرار باآلخر. كما يمثِّل هذا الحق أحد المعايير األساســية لتقدم الدول ونهضتها، ويشكِّل االعتراف به وتكريسه دلي ًل على تقدُّم الدول في تجارب مختلفة للحضارات اإلنسانية في الماضي والحاضر. وهو ما يتفرع عنه فرضيتان فرعيتان، هما: - تؤدي المعرفة الحقة إلى تحرير الوعي من التعصب الديني، وتحقيق حرية المعتقد في المجتمعات ذات التعددية الدينية أو المذهبية، أو التي تنظِّم شؤونها القوانين ذات المرجعية الدينية. - يمكــن تجــاوز صعوبات تحقيق حرية المعتقد من خــ ل إعادة النظر في الرؤية التقليدية للنصوص الدينية، واالجتهاد والعمل المســتمر على فهم النص الديني في ســياق يتقبل اآلخر وال يقصيه. وهو اإلصالح الذي ال يمكن أن يكون كافيًا إال إذا رافقه إصالح عميق يمس الجوانب السياسية (مثل إقرار الديمقراطية بقيمها المتعارف عليها عالميًّا: التعددية السياســية، والتداول الســلمي للسلطة...)، واالقتصادية (بناء

Made with FlippingBook Online newsletter