| 82
)، بمــا أن الحريــة والمصلحة الشــخصية ال تقــودان إلى الفوضى Adam Smith ( .) 17 بالضرورة، وإنما تؤديان إلى النظام واالنســجام؛ كأن يدًا خفية ترشــد خطاهما( وهكذا فإن الحفاظ على نظام اجتماعي مزدهر، ال يتطلب اإلشــراف المســتمر من .) 18 جانب الملوك والوزراء، وإنما ينمو جوهريًّا نتيجة الطبيعة البشرية( ) فكرة الضبط من أعلى Michel Foucault في الســياق نفســه، انتقد ميشــال فوكو ) الهرم. وللقيام بمقاربة بين حقوق العقد االجتماعي وبين الســلطة االنضباطية، يقول إن االنضباط هو الذي يخلق الرابــط بين األفراد. وهذا الرابط المبني على " فوكــو: )، أي إن ما يربط الناس بعضهم 19 ( " اإلكراهات، هو الذي يجعل األفراد وحدة واحدة ببعض ليس التزامًا طوعيًّا للحفاظ على المجتمع، بل الرابط هو السلطة االنضباطية، التي تعمل على تحديد هوية الفرد من خالل االلتزامات المختلفة: قانونية وسياسية وقومية. . جدل حرية المعتقد بين المرجعيات الدينية والسياقات الثقافية 2 تمثِّل السياقات الثقافية والحضارية للشعوب األساس الذي يُفسر استيعاب المجتمعات المختلفة لمبدأ حرية المعتقد أو رفضها له، أكثر مما يفسره سيادة هذا الدين أو ذاك داخــل المجتمع، وهذا ما يجعل مجتمعًا تغلب عليه الديانة المســيحية مث ًل يتفاعل إيجابًــا مــع هذا المبدأ، في مقابل وجود مجتمع مماثل يتفاعل معه بشــكل ســلبي (الفرق بين النموذجين البريطاني والفرنســي مث ًلً، رغم أنهما محســوبان على العالم ، أو الفرق بين النموذجين الســعودي والماليزي رغم أنهما محسوبان على " المتقدم " العالم اإلسالمي). وباعتبــار أن المعتقدات وحدود الحرية في اعتناقها أو تغييرها والجهر بآراء مخالفة لهما، تبقى القضية األكثر إثارة للجدل والتجاذبات، تذهب جل االجتهادات الفكرية إلى أن الوعي يلعب دورًا حاســمًا في تكريس حرية المعتقد في مجتمع ما. فالفرد الواعي ينظر إلى حرية المعتقد بمرونة، فهو ال يرى نفسه في حالة صدام مع الرأي
المخالف، بل يؤكد حرية االختيار. . جدل الحرية في التارث اإلسالمي 2.1
يســتعين علي أومليل بالشهرســتاني إلثبات قراءته للحرية في المعتقد لدى السلف، من خالل اختيار مبدئي يشــترك فيه الشهرســتاني مع غيره من القدماء الذين اهتموا
Made with FlippingBook Online newsletter