| 86
حرية المعتقد، يركزون، عن وعي أو بدونه، على ما تختلف فيه الديانات السماوية، ويهملون اإلشارة إلى أن ما يجمع هذه الديانات أكثر مما يفرقها. وفي جل شرائعها يكون للحفاظ على إنسانية اإلنسان والرقي بها أولوية كبيرة. ومن أهم شروط اإلنسانية هناك الحرية والمساواة والكرامة. . تدبير الخالفات القائمة على الخالف في المعتقد 2.3 لعل اإلشكال الذي نُوقش كثيرًا على المستويين العربي واإلسالمي هو حكم المرتد. ويتنــاول الجابــري هذا الموضوع من منظور يعتمد الوســطية؛ إذ في وقت تترك فيه اآليات القرآنية حرية المعتقد لإلنسان يحسم الفقه في الحكم على المرتد بالقتل، بناء ). فكيف نفسر هذا االختالف؟ وهي 32 ( " من بدَّل دينه فاقتلوه " على الحديث النبوي: مسألة ال خالف عليها بين الفقهاء، ألن المرتد في هذه الحالة لم يكن مجرد شخص يغيِّر عقيدته، بل هو شخص خرج عن اإلسالم عقيدة ومجتمعًا ودولة. وإذا أخذنا في االعتبار أن دولة اإلسالم في المدينة كانت تخوض حربًا مستمرة، أدركنا أن المرتد .) 33 زمــن هــذه الدولة هو في حكم الخائن لوطنه، بتواطؤه مع العدو زمن الحرب( وإذن، فحكــم المرتد في الفقه اإلســ مي ليــس حكمًا ضد حرية االعتقاد، بل ضد خيانة األمة والوطن والدولة والتواطؤ مع العدو واالشتراك في المعركة معه. ورغم ســيطرة الرؤية التقليدية على الفقه في هذه المســألة، بغض النظر عمَّا سبقت اإلشــارة إليــه عن مفهــوم المرتد في اإلســ م، إال أنه توجد إشــارات تندمج في الذي شمل عددًا " البيان العالمي اإلسالمي لحقوق اإلنسان " التفســير السابق، ومنها مــن الحقــوق التي تبنَّى الدفاع عنها، منها حق الحرية، وحق حرية التفكير واالعتقاد )، رغم أن ذلك قد يعني حرية الممارســة الدينية 34 والتعبيــر، وحق الحرية الدينية( لمن هم في األصل من ديانة أخرى، وليس التســامح مع المســلمين السابقين. وهو ما يســتدعي ضرورة تمكين المنتمين إلى ديانــة أخرى من حق التعبير عن انتمائهم الديني والدعاية له وعدم االكتفاء بالممارسة الصامتة، وحق غير المنتمين ألية ديانة في التعبير العلني عن رفضهم لكل األديان. إن الحديث عن حرية المعتقد ال يستقيم دون تفعيله على مستوى الواقع من خالل الضمانــات التــي توجد في الدســتور وتتضمنها القوانين المؤطِّرة له. وفي ســياق استحضارنا للحالة المغربية، البد من إثارة موضوع غياب حرية المعتقد في النسخة
Made with FlippingBook Online newsletter