العدد 16 – نوفمبر/تشرين الثاني 2022

| 14

. في المنظور والمقاربة البحثية 1 لقد اعتمد الباحث في دراســته لدور االتحاد العام التونســي للشغل في الثورة وفي مرحلة االنتقال الديمقراطي منظورًا سوســيولوجيًّا سياسيًّا مكَّن من مقاربة الموضوع وأبعــاده بطريقة تحليلية نقدية تســتفيد من دالالت الوقائــع التاريخية ومن مضامين خطاب الفاعلين السياسيين والنقابيين في تونس. واجتهد في أن تكون المقاربة تأويلية تستنطق خلفيات المواقف التي يعبر عنها أو يتخذها أولئك الفاعلون وال تقف عند سرد األحداث أو وصف المشهد في ظاهره. كمــا حرص الباحث على تنويع المراجع البحثية وعلى تحديثها، ســعيًا إلى مواكبة الواقع السياسي في تونس في حركيته الدؤوب، وخاصة في سياق االنتقال الديمقراطي الذي أعقب الثورة التونسية وما تضمنه من أحداث نوعية ومن صراعات على السلطة في إطار بحث مختلف القوى والفعاليات والشخصيات السياسية والنقابية عن إعادة التموقع في مشهد رجراج وبيئة غير مستقرة. أما أهم أهداف الدراسة فهو المساعدة على مزيد فهم الواقع التونسي المعقد ودور االتحاد العام التونســي للشــغل في تعقيده طورًا وفي المســاهمة في حلحلته طورًا آخر. فاالتحاد -كما يُســمَّى في تونس- اختصارًا، هو فاعل أساســي في هذا الواقع وإن ترجرج دوره بحسب سير األحداث وتبدل الفاعلين السياسيين. ولكن الثابت أن وجود االتحاد في صدارة المشهد السياسي واالجتماعي هو حقيقة ذات وجهين، فهو إما فاعل معارض للسلطة الحاكمة يعمل على إحراجها وحشرها في الزاوية متوخيًا المناورة السياسية لتحقيق أهدافه، وإما فاعل مساند للسلطة -ولو بشكل مشروط أو محتشم- أم ًل في تحييد خصومه وطمعًا في اكتساح مساحات جديدة وبسط السيطرة عليها لتعزيز موقعه السياســي واالجتماعي واالستعداد لخوض غمار معارك محتملة في المستقبل. . "االتحاد" في زمن الهيمنة وفي زمن الثورة: الموقع والدور 2 ، على يد الشيخ 1946 يناير/كانون الثاني 20 أُسِّس االتحاد العام التونسي للشغل، في محمد الفاضل بن عاشــور، رئيسًــا، والزعيم النقابي والوطني، فرحات حشاد، أمينًا عامًّا. وقد كان فرحات حشاد ملتحمًا في نضاله النقابي مع شعبه المقاوم للمستعمر

Made with FlippingBook Online newsletter